زيد المصري - Zaid Al-Masri

الدين القيم 2

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي نَصَبَ مِنْ كُلِّ كَائِنٍ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ بُرْهَانًا، وَتَصَرَّفَ فِي خَلِيقَتِهِ كَمَا شَاءَ عِزًّا وَسُلْطَانًا، وَاخْتَارَ الْمُتَّقِينَ فَوَهَبَ لَهُمْ بِنِعْمَتِهِ عِلمًا وَإِيمَانًا، وعَمَّ الْمُذْنِبِينَ بِرَحْمَتِهِ عَفْوًا وَغُفْرَانًا، وَلَمْ يَقْطَعْ أَرْزَاقَ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ جُودًا وَامْتِنَانًا، وَأَعَادَ شُؤْمَ الْحَسَدِ عَلَى الْحَاسِدِ لأَنَّهُ ارْتَكَبَ عُدْوَانًا. حَكَمَ فِي بَرِيَّتِهِ فَأَمَرَ وَنَهَى، وَأَكْرَمَ الْمُؤْمِنَ إِذْ كَتَبَ الإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ، وَأَيْقَظَ بِمَوْعِظَتِهِ مَنْ غَفَلَ وَسَهَا، وَدَعَا الْمُذْنِبَ إِلَى تَوْبَةٍ لِغُفْرَانِ ذَنْبِهِ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ فجعلَه سَمِيعًا بَصِيرًا، وأَنْشَرَ زَرْعًا لَمْ يَكُنْ مَنْشُورًا، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا وَالْقَمَرَ نُورًا بَيْنَ شَرْقِهِ وَغَرْبِهِ. لَيْسَ بِجِسْمٍ فَيُشْبِهُ الأَجْسَامَ، وَلا بِمُتَجَوِّفٍ فَيَحْتَاجُ إِلَى الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ، وَلا تَحْدُثُ لَهُ صِفَةٌ فَيَتَطَرَّقُ عَلَيْهَا انْعِدَامٌ، نَصِفُهُ بما وصَفَ نَفسَه مِنْ غَيْرِ كَيْف وَالسَّلامُ، وحاسب اللَّهُ الْجَهْمِيَّ وَالْمُشَبِّهَ. أَحْمَدُهُ تعالى حَمْدَ عَبْدٍ مُعتَرف بذَنْبِهِ، وَأُقِرُّ بِتَوْحِيدِهِ إِقْرَارَ مُخْلِصٍ مِنْ قَلْبِهِ، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَءالِهِ وَصَحْبِهِ، أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ضَجِيعِهِ فِي تُرْبِهِ، وَعُمَرَ الَّذِي لا يَسِيرُ الشَّيْطَانُ فِي سَرْبِهِ، وَعُثْمَانَ الشَّهِيدِ لا فِي صَفِّ حَرْبِهِ، وَعَلَى عَلِيٍّ مُعِينِهِ وَمُغِيثِهِ فِي كَرْبِهِ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ كُلا مِنَّا بِإِصْلاحِ قَلْبِهِ، وَأَنْعِمْ عَلَيْهِ بِغُفْرَانِ ذَنْبِهِ، وَانْفَعْنِي وَكُلَّ مستَمِعٍ بِجَسَدِهِ وَلُبِّهِ.

أما بعد:

فقد ورد في كتاب الله تبارك وتعالى أكبر تحدٍّ لقريش وهم أهل اللغة والفصاحة البلغاء أن يأتوا بمثل هذا القرءان فقال رب العزة والجلال: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْءانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)﴾ سورة الإسراء.

ففي هذه الآية يقول الله: ﴿قُل﴾ أي يا محمد ﷺ وأخبرهم بأنه لو اجتمع الإنس والجن واتفقوا على أنهم يأتوا بمثل هذا القرءان فإنهم لن يستطيعوا، ولو كان بعضهم لبعض مناصرًا.

﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْءانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ أي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ ﴿وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ أي عَوْنًا وَمُظَاهِرًا. نَزَلَتْ حِينَ قَالَ الْكُفَّارُ: لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا.

فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. فَالْقُرْءانُ مُعْجِزٌ فيه كل الْبَلَاغَةِ وهو ليس ككَلَامَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ كلام الله فلا يستطيعون أن يأتوا بِمِثْلِهِ. وهذا دليل قاطع، وبرهان ساطع، على صحة وصدق ما جاء به الرسول ﷺ،

حيث تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم لا يأتون بمثله، ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه. ووقع كما أخبر الله، فإن دواعي أعدائه المكذبين به، مجتمعة على رد ما جاء به،

وهم أهل اللسان والفصاحة، فلو كان عندهم أدنى تأهل وتمكن من ذلك لفعلوه. فعُلم بذلك أنهم عجزوا عن معارضته. وكيف يقدر المخلوق أن يعارض كلام رب الأرض والسماوات، المطلع على سائر الخفيات، الذي له صفات الكمال اللائقة به سبحانه.

تحدّاهم النبي ﷺ بذلك فعجزوا عن ذلك.  وتحداهم بعد أن عجزوا عن الإتيان بمثله بأن يأتوا بعشر سور من مثله كما في قوله سبحانه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ  قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13)﴾ سورة هود.

أي إن قلتم بأن محمدًا افتراه من عند نفسه فأتوا بعشر سور مثله، واستعينوا بمن استطعتم من دون الله عز وجل إن كنتم صادقين.

وقال سبحانه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (38)﴾ سورة يونس. فجميع الخلق عجزة عن أن يأتوا بمثله. فإن قال الكفار: لقد افتراه النبي: أي اختلقه.

كما بين الله ذلك بقوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ قال تعالى: ﴿قُلْ﴾ أي فقل لهم: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي أنه قد افتراه، وأنتم الأعداء حقا، الحريصون بغاية ما يمكنكم على إبطال دعوته، فإن كنتم صادقين، فأتوا بعشر سور مثله مفتريات.

ثم تحداهم أن يأتوا بسورة مثله كما في قوله: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)﴾ سورة البقرة.

أي إن كنتم في شك مما أنزلنا على عبدنا محمد ﷺ ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ﴾ مِنْ مِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى ذَلِكَ بِمَنْ شِئْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فإنكم لا تستطيعون ذلك،

﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ﴾ أي أَعْوَانُكُمْ، أَيْ قَوْمًا ءاخَرِينَ. وكان هذا التَّحَدِّي عَامٌّ لَهُمْ كُلّهُمْ، في قوله تعالى: ﴿لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ مَعَ أَنَّهُمْ أَفْصَحُ الْأُمَمِ، وَقَدْ تَحَدَّاهُمْ بِهَذَا فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَرَّاتٍ عَدِيدَة،

مَعَ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ وَبُغْضِهِمْ لِدِينِهِ، وَمَعَ هَذَا عَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ وقوله: ﴿وَلَنْ﴾ أَيْ وَلَنْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ أَبَدًا. وَهَذِهِ أَيْضًا مُعْجِزَةٌ أُخْرَى،

وَهُوَ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا الْقُرْءانَ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ أَبَدًا وَكَذَلِكَ وَقَعَ الْأَمْرُ، لَمْ يُعَارَضْ مِنْ لَدُنْهُ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا وَلَا يُمْكِنُ، وَأنَّى يَتَأتَّى ذَلِكَ لِأَحَدٍ، وَالْقُرْءانُ كَلَامُ اللَّهِ خَالِقِ كُلِّ شَىءٍ.

وَمَنْ تَدَبَّرَ الْقُرءانَ وَجَدَ فِيهِ الْإِعْجَاز العظيم، وذلك مِنْ حَيْثُ اللَّفْظ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الر  كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)﴾ سورة هُودٍ.

فَأُحْكِمَتْ أَلْفَاظُهُ وَفُصِّلَتْ مَعَانِيهِ، فَكُلٌّ مِنْ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ فَصِيحٌ، وقَدْ أَمَرَ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَنَهَى عَنْ كُلِّ شَرٍّ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا  لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)﴾ سورة الْأَنْعَامِ.

أَيْ صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ وَعَدْلًا فِي الْأَحْكَامِ، فَكُلُّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَعَدْلٌ وَهُدًى لَيْسَ فِيهِ مُجَازَفَةٌ وَلَا كَذِبٌ وَلَا افتراء كَمَا يُوجَدُ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَكَاذِيبِ وَالْمُجَازَفَاتِ. وَأَمَّا الْقُرْءانُ فَجَمِيعُهُ فَصِيحٌ فِي غَايَةِ نِهَايَاتِ الْبَلَاغَةِ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَإِجْمَالًا مِمَّنْ فَهِمَ كَلَامَ الْعَرَبِ وَتَصَارِيفَ التَّعْبِيرِ.

وقال تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾ سورة ق.

وقوله تعالى ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم﴾ أي قبل قومك ﴿مِّن قَرْنٍ﴾ أي من القرون الذين كذبوا رسلهم ﴿هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم﴾ أي مِن قومك ﴿بَطْشًا﴾ أي قوة وسطوة ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ﴾ أي فخرقوا وطافوا.

والتنقيب التنقير عن الأمر والبحث والطلب، ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله ﴿هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا﴾ أي شدة بطشهم أقدرتهم على التنقيب، فهل رأوا لهم محيصا حتى يؤملوا مثله لأنفسهم.

قال تعالى ﴿هَلْ مِن مَّحِيصٍ﴾ أي هل مِن مهرب لهم من الله أو من الموت. ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ﴾ أي المذكور. ﴿لَذِكْرَىٰ﴾ أي تذكرة وموعظة. ﴿لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ أي لمن كان له قلب واعٍ، لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له.

﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ﴾ أي أصغى إلى المواعظ. ﴿وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ أي حاضر بفطنته، لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب.

كان رجل على الإلحاد فأسلم وقال: عندما تفكرتُ في هذا الأمر وما تلقيته من أهل الإلحاد من أن الكون تَكَوَّنَ مِنْ تلقاء نفسه وأن الإنسان أصله قرد! وغير ذلك لم أقتنع بذلك،

فعندما تفكرتُ في المخلوقات كالنحل والنمل قلتُ يستحيل أن تكون هذه المخلوقات قد وجدت صدفة! وتيقَّنتُ أنه لا بد من وجود خالق، لكن هذا لا يكفي، قال فقلتُ: من هو الخالق؟! ولماذا خلقني؟!

وما هي الرسالة التي يخبرنا فيها لماذا خلقنا، وما هي الأحكام التي أمرنا بها؟! قال: وكل المِلَل تدعي أنها على الحق وأنها على علم بالله وأوامره ونواهيه، كما قال ربنا في القرءان الكريم: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)﴾ سورة الروم.

وقد زارني رجل وأهداني كتابا بعنوان: (بحث البشرية عن الله) والكتاب يذكر الملل، اليهودية النصرانية والبوذية والهندوسية والسيخية ومِلل كثيرة، وكذلك يذكر فيها الإسلام.

قال: فاختصر علي البحث، وكان الكتاب يتكلم عن كل ملة، ويبين لماذا هي على الخطأ والباطل ما عدا الإسلام، لم يكن لديه شىء ليقوله ضد الإسلام، وقد تعجبتُ بسببِ ذلك. قال: فنظرتُ في الهندوسية وبحثتُ إن كانت ديانة من الله أم لا؟

والهندوسية تشجع على نظام طبقي، فعندهم يوجد أناس أفضل من ءاخرين بسبب مكان ولادتهم ونحو ذلك! فلم تبدُ لي أنها ديانة عادلة من عند الله. ثم انتقلتُ إلى النظر في السيخية وكذلك في البوذية والفلسفة التي يذكرونها،

وفي البوذية يقولون: لا دخل للإله والعياذ بالله! فرفضتها. ثم نظرتُ فيما يؤمن به اليهود، واليهود يؤمنون بأنهم شعب الله المختار وغيرهم ليسوا كذلك، فهم يقولون بأنننا خُلقنا ليتم استعبادُنا من قِبَلِهِم لأنهم شعب الله المختار!

قال: فلم أؤمن بأنها ديانة من الله. وبعدها وصلتُ للنصرانية فنظرتُ بعد ذلك فيما يعتقده النصارى بسبب الكتاب الذي بين أيديهِم والذي يدَّعون أنه الإنجيل، والنصرانية تُعَلِّم أن رجلا أذنَبَ في الجنة،

وبسببِ ذلك فإن كل الناس ألصقت بهم خطيئته، ومِن أجلِ الخلاص والتخلص من تلك الخطيئة فإن الله نزل في صورة إنسان ليموت لكي يُغفر لنا والعياذ بالله تعالى تعالى الله! قال: فلم أقتنع بذلك.

ثم بحثتُ عن الأدلة لادعائهم، فلاحظتُ أن الأشخاص االذين كتبوا ما يسمونه (أناجيل) لم يكونوا شهود عيان للذي كتبوه! فتوصلتُ إلى أن كل ذلك لا علاقة له بتعاليم نبي الله عيسى عليه السلام بل هي تعاليم الكنيسة.

قال: وبعد ذلك توصلت إلى دين الإسلام وإلى القرءان، فالقرءان هو كتاب الله الوحيد الآن الذي فيه أنه كتاب الله، والقرءان فيه أنه هداية للعالمين، وأما غيره من الكتب فليس فيه ذلك،

فإذا قرأتَ ما يسمونه (الإنجيل) (وهو كتاب محرف زعموا أنه الإنجيل الذي أُنزل على عيسى عليه السلام وهو ليس الكتاب المقدس بأدلة كثيرة من كلامهم ومن غير كلامهم) فهو ليس هداية للناس،

فليس فيه نظام جنائي، باستثناء ما ذكروه فيما يسمى (العهد القديم) الذي فيه الرجم وقطع يد السارق، وأما ما يسمى (العهد الجديد) فإذا كنتَ مجرمًا فإنه سيُعفى عنكَ، فليس هناكَ عقوبة للمغتصِب! وليس هناك شىء!!

فهو ليس دليلا يُقتدى به لتعرف كيف تعيش حياتك، وكيف تعامل جارك وزوجتك! لا يوجد فيه شىء من هذا القبيل، لكن القرءان دليل متكامل، وقد جاء القرءان بشىء تجاهلته الكتب التي زعم أتباعها أنها من عند الله،

فإن القرءان فيه دليل واضح يدل على المصداقية، وهو مُعجِز بالنسبة لأي دين ءاخر، فلا يوجد في الأديان الأخرى ما يدل على صدقها، وأما القرءان فهو مُعجِز، وفيه الأدلة على أنه كتاب الله.

وقد ذكر علماؤهم ما أسموه باختبار المصداقية، وهو السبب في قَبول نظرية (ألبرت أينشتاين) لأنه أعطى ثلاثة من اختبارات المصداقية ليؤكد نظريته.

فقد قال الله تعالى في القرءان الكريم: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)﴾ سورة البقرة.

فالوعيد موجود، وإلى يومنا هذا فإن العلماء واللغويون الكبار وبرامج الكمبيوتر وغيرها لم يقدروا على القيام بذلك، وقد يقول بعضهم: إن هذا التحدي ليس عادلا! لأنه ليس كل الناس من العرب.

قال: فقلتُ إن من الأدلة التي في القرءان والذي يمكنكم الاطلاع عليه قول الله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)﴾ سورة النساء. لأن البشر يُخطئون.

وهذا الكتاب وهو القرءان نزل على خاتم الرسل محمد ﷺ خلال 23 سنة قبل نحو ألف وأربعمائة سنة، وليس هو فقط كتابا ذا لغة بليغة بل فيه أحداثا تاريخية وفيه ذكر الأمور العلمية.

والأمر المدهش حول العلم عند هؤلاء في البحوث العلمية أن بحوثهم قائمة على النظريات، ومع الوقت ينظرون هل يمكن تجريب تلك النظرية، ثم ينظرون إن كانت صحيحة أم لا، فإن لم تكن صحيحة فإنهم يقومون بتغييرها مرة أخرى، كما فعلوا بالعديد من النظريات التي ظهر لهم أنها باطلة.

وكل شىء ذُكر في القرءان الكريم الذي أُنزل منذ أكثر مِن 1400 سنة فهو يتطابق مع العلم الحديث. والسؤال الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا هو: لو أن سيدنا محمدا ﷺ هو الذي كتب القرءان كما ادعى أعداء الإسلام!

فكيف لرجل أن يكون واثقا من كل شىء كتبه خلال القرن السابع للميلاد سيكون صحيحا في يومنا هذا! وهذا دليل على صدقه.

ولو سُئل صحابي من صحابة رسول الله ﷺ من قِبَل غير المسلمين فقيل له: كيفَ يتكون الجنين في الرحم ومراحل الحمل؟ أو سُئلَ عن شكل المضغة مثلا؟

وهذا في ذاك الوقت لم يكن مُصادَقًا عليه من غير المسلمين لأنه لم يكن عندهم ما يسمى بالمجهر الالكتروني ليروا شكل الجنين، فلا يمكنهم رؤية ذلك إلى حدود نهاية القرن التاسع عشر.

والعلماء الأوروبيون كانوا يعتقدون أن النطفة تحمل مضغة صغيرة، أو أن البويضة تحتوي أصلا على مضغة صغيرة داخلها. ولكن القرءان وصف العملية كما هي في يومنا هذا، لذلك علينا أن نسأل: كيفَ لا يكون هو الحق وكل ما قاله صحيح؟!

وقد كان هناك عالم اسمه (موريس بوكاي) ويمكنكم البحث عنه، وكان عالما فرنسيا يهتم بعلم المصريات في باريس، وقد سمِع أن هنالك مومياء لفرعون سيتم عرضها، والتي يبدو أنها كانت لرمسيس الثاني، (فرعون) وسأل إن كان بإمكانه فحص الجثة،

وعندما فحص الجثة قال: إن هذا الرجل مات غرقًا، فقال له أصحابه: لا تدع المسلمين يسمعونك تقول ذلك! فقال لهم: ولم لا؟! فقالوا: لأن الإنجيل (يعني المحرف) يقول إن جثة فرعون قد ضاعت عندما غرق في البحر،

ولكن القرءان يقول إن الله أبقى جثة فرعون لتكون ءاية للناس، وإذا جعلت المسلمين يعلمون أن فرعون مات غرقا فإنك ستؤكد ما قاله القرءان وستبين خطأ الإنجيل (يعني المحرف)!

قال الله تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ ءامَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي ءامَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ ءايَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)﴾ سورة يونس.

قال: والأمر المدهش بخصوص هذه المومياء وكيف أنها تُحقق تلك النبوة، لأن النبي يخبر عن ربه وقد جعل الله للأنبياء معجزات تدل على صدقهم، وقد جعل الله تعالى القرءان أعظم معجزة للرسول ﷺ.

وفي القرءان أخبر الله أنه سيجعل فرعون ءاية للناس، فقال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ ءايَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ وهذه المومياء تم عرضها في الاسكندرية،

والاسكندرية مِن أكثر المناطق السياحية زيارة في بلاد الدنيا! وليس ذلك فحسب، بل إن هذه المومياء تم عرضها في جميع المتاحف،

وقد تحقق ما أنزله الله على رسول الله محمد ﷺ في القرءان الكريم الذي قال الله فيه: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)﴾ سورة فصلت.

فتعجب هذا العالم من هذا الامر، والأمر الذي فعله هو أنه أخذ خطوة إلى الأمام، فسافر إلى سوريا خلال أيام السِّلم، ودرس اللغة العربية لمدة ثلاث سنوات، فتعلم لغة القرءان. قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)﴾ سورة المنافقون.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تعليق واحد

  • عليه افضل الصلاة واتم التسليم
    بارك الله فيك وجزاك الله عنا خيرا واعزك واكرمك وحماك وحفظك ووفقك لما يحبه ويرضاه وفتح عليك فتوح العارفين ورزقك الله الولاية ونور الله قللك ودربك بالانوار المحمدية واحبك الله ورسوله واسعدك في الدارين واسعد الله اوقاتك بالخير والمحبة والرضى شيخي الفاضل الكريم الطيب الغالي الدكتور زيد المصري

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر3:15 AM
    شروق الشمس4:52 AM
    الظهر11:34 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:15 PM
    العشاء7:42 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي