زيد المصري - Zaid Al-Masri

فضل أيام عشر ذي الحجة

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين سيدنا محمد طه الأمين وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين ومن تبعهم وسار على منوالهم إلى يوم الفصل والدين.

أما بعد:

 

الأدلة على فضل الأيام العشر من ذي الحجة

فإن من فضائل العشر من ذي الحجة أن الله تعالى أقسم بها جملة وببعضها خصوصًا فقال تعالى: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} سورة الفجر. فالليالي العشر هي عشر من ذي الحجة وهذا الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين من السلف وغيرهم وهو الصحيح عن ابن عباس.

وأخرج الحاكم وأحمد والنسائي والبزار وصححه البيهقي في الشعب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {وَالْفَجْرِ  وَلَيَالٍ عَشْرٍ  وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} قال: “إِنَّ العَشْرَ عَشْرُ الأَضْحَى وَالوَتْرُ يَومُ عَرَفَةَ وَالشَفْعُ يَومُ النَحْرِ”.

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا مِنْ أَيِامٍ العَمَلُ الصَالِحُ فِيْهَا أَحَبُ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِّهِ الأيَامِ” يَعْنِي أَيَامَ العَشْرِ. قَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلَا الجِهَادُ في سَبِيِلِ اللهِ؟ قَال: “وَلَا الجِهَادُ في سَبِيِلِ اللهِ إِلَا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَىٍء” رواه البخاري.

وقد دل هذا الحديث الشريف على أن العمل في هذه الأيام أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شىء منها، فعمل البر والإحسان فيها يزيد على ما سواه والأعمال الصالحة تزكو عند الله أكثر مما إذا عملت في غيرها.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا مِنْ أَيَامٍ أَعْظَمُ وَلَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ العَمَلُ فِيْهِنَ مِنْ هَذِهِ الأَيَامِ العَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيِهْنَ مِنَ التَهْلِيِلِ وَالتَكْبِيِرِ وَالتَحْمِيِدِ” رواه الإمام أحمد.

ومن فضائلها أنها من جملة الأربعين التي واعدها الله عز وجل لموسى عليه السلام، قال الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} سورة الأعراف.

فقد روى عبد الرزاق في مصنفه عن مجاهد قال: “مَا مِنْ عَمَلٍ في أَيَامِ السَنَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ في العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجَةِ وَهِيَ العَشْرُ الَتِي أَتَمَهَا اللهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَلَامُ”.

ومن فضائلها أنها خاتمة الأشهر المعلومات، أشهر الحج التي قال الله فيها: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} سورة البقرة. وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.

ومن فضائلها أنها الأيام المعلومات التي شرع الله ذكره فيها على ما رزق من بهيمة الأنعام، يقول الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} سورة الحج.

وجمهور هذه الأمة على أن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، ومنهم ابن عمر وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد وعكرمة وقَتادة وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وذكر البخاري في صحيحه (باب فضل العمل في أيام التشريق): “وقال ابن عباس: واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق” .

 

ومن أنواع العمل في هذه العشر:

أداء الحج والعمرة، ويدل على فضل ذلك عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: “العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَاَرَةٌ لِمَــــــا بِيِنَهُمَا وَالحَجُ المَبْرُوْرُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَا الجَنَةِ” متفق عليه.

وصيام هذه الأيام: أو ما تيسر منها وبالأخص يوم عرفة، ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله لنفسه، كما في الحديث القدسي: “الصَوُمُ لِي وَأَنَا أَجْزِيِ بِهِ، إِنَّهُ تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي” رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَومًا في سَبِيِلِ اللهِ، إِلَا بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَومِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِيِنَ خَرِيْفًا” (أي مسيرة سبعين عامًا) متفق عليه.

وكذلك التكبير والذكر في هذه الأيام لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} وقد فُسرت بأنها أيام العشر، واستحب العلماء لذلك كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه الإمام أحمد وفيه: “فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد” .

وذكر البخاري رحمه الله عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

وروى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم أنهم كانوا يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد.

ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدُّور والطرق والمساجد وغيرها، لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} سورة البقرة. فيشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد، ويشرع التكبير المقيد وهو الذي بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ولغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر ءاخر أيام التشريق.

وكذلك التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة، فالمعاصي سبب البعد والطرد، والطاعات أسباب القرب، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَالْمُؤْمِنُ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ “ متفق عليه.

وكذلك كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فإنها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، فالعمل فيها وإن كان مفضولا فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلا.

وتشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق، وهو سنة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر. متفق عليه.

وروى مسلم رحمه الله وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا رَأَيِتُمْ هِلَالَ ذِيْ الحِجَةِ وَأَرَادَ أَحَدَكُمْ أَنّ يُضَّحِيِ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ”

وفي رواية قال: “إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْر وَأَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا” وَفِي رِوَايَة: “فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا وَلَا يُقَلِّمَنَّ ظُفْرًا” وفي رواية: “فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَى يُضَحْيِ” ولعل ذلك تشبهًا بمن يسوق الهدي،

فقد قال الله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} وهذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، ولا بأس بغسل الرأس ودلكه ولو سقط منه شىء من الشعر.

وقد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَرَبِيعَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إِنَّهُ يَحْرُم عَلَيْهِ أَخْذُ شَىْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ فِي وَقْت الْأُضْحِيَّة.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُكْرَهُ. وَقَالَ مَالِك فِي رِوَايَةٍ: لَا يُكْرَهُ، وَفِي رِوَايَة: يُكْرَهُ. فالأفضل لمن أراد أن يضحي أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه السنة طلبا للأجر والثواب.

قوانا الله على طاعته وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وتقبل منا صالح الأعمال إنه على كل شىء قدير وإنه بعباده لطيف خبير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:52 AM
    شروق الشمس4:36 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:30 PM
    العشاء8:02 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي