زيد المصري - Zaid Al-Masri

فتنة المال

الحمد لله الذي يمحو الزلل ويصفح، ويغفر الذنب ويمسح، كل من لاذ به أنجح، وكل من عامله يربح، تشبيهه بخلقه قبيح وجحده أقبح، رفع السماء بغير عمد فتأمل والمح، وأنزل القطر فإذا الزرع في الماء يسبح، والمواشي بعد الجدب في الخصب تسرح، أغنى وأفقر والفقر في الأغلب أصلح، كم من غني طرحه البطر والأشر أسوأ مطرح، هذا قارون ملك الكثير وبالقليل لم يسمح، نبه فلم يزل نومه، وليم فلم ينفع لومه “إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ” القصص. أحمده تعالى ما أمسى المساء وما أصبح، وأصلي وأسلم على رسوله محمد الذي أنزل عليه “أَلَمْ نَشْرَحْ” وعلى أبي بكر صاحبه في الدار والغار لم يبرح، وعلى عمر الذي لم يزل في إعزاز الدين يكدح، وعلى عثمان ولا أذكر ما جرى ولا أشرح، وعلى علي الذي حارب من كان في الدين يقدح.

أما بعد:

الأدلة من القرءان

فقد قال الله تعالى: { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)} سورة الكهف.

وقال تعالى فيما أنزله على نبيِّه المصطفى صلى الله عليه وسلم: { وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى} سورة الضحى.

وقال تعالى: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } سورة ءال عمران.

والمال إما أن يستخدم في الخير أو الشر،  قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ سورة التغابن. وهو من الفتن العظيمة التي يُبتلى بها المؤمن، والقليل من الناس من يصبر عليها

والأدلة من الحديث

وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة المال في أحاديث كثيرة منها

ما روي عن كَعْبِ بنِ عِيَاضٍ رضي اللَّه عنه قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: “إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فتنةً، فِتنَةُ أُمَّتي المَالُ” رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

وعنْ عبْدِ اللَّه بنِ الشِّخِّيرِ رضي اللَّه عنه أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهُوَ يَقْرَأُ: {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ثم قال: “يَقُولُ ابنُ ءادَم: مَالي، مَالي، وَهَل لَكَ يَا ابن ءادمَ مِنْ مالِكَ إِلا مَا أَكَلت فَأَفْنيْتَ، أو لبِستَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضيْتَ” رواه مسلم .

والعبد يُسأل عن ماله يوم القيامة ماذا عمل فيه. فقد رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ” (والأنبياءُ لا يُسألونَ هذهِ الأسئلةَ الأربعةَ، يُسألونَ لإظهارِ شَرَفِهم هل بلَّغتم). والمعنى أنَّ الإنسانَ لا تزولُ قدمَاهُ عن موقفِ الحسابِ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن أربعٍ.

  1. يُسألُ “عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ” أي ماذا عملتَ منذُ بلغتَ، أدَّيتَ ما فرضَ اللهُ عليكَ واجتنبتَ ما حرَّمَ عليكَ فإنْ كانَ قد فَعَلَ ذلكَ نجا وسَلِمَ وإنْ لم يكنْ فعلَ ذلكَ هَلَكَ.
  2. ويُسألُ “عن جسدِهِ فيما أبلاهُ” فإنْ أبلاهُ في طاعةِ اللهِ سَعِدَ ونجا مع النَّاجينَ وإنْ أبلَى جَسَدَهُ في معصِيَةِ اللهِ خَسِرَ وهَلَكَ.
  3. ويُسأَلُ “عَنْ عِلْمِهِ ماذَا عملَ فيهِ” أي يُسألُ هل تعلّمتَ عِلْمَ الدِينِ الذي فَرضَهُ اللهُ عليكَ لأنَّ العِلْمَ الدِّينِيَّ قِسمانِ فمنْ تعلمَ القِسمَ الضَّروريَّ وعمِلَ بِهِ سَعِدَ ونَجا، ومنْ أهْملَ العملَ بعدَ أنْ تعلّمَ خَسِرَ وخابَ وهلكَ، وكذلكَ منْ لا يتعلّمُ فهوَ أيضًا من الهالكين. وورد في الحديث: “وَيْلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ، وَوَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَّ لَا يَعْمَلُ” والويلُ هو الهلاكُ الشّديدُ.
  4. وأمّا قولُهُ صلى الله عليه وسلم: “وعنْ مالِهِ منْ أينَ اكتسبَهُ وفيم أنفقَهُ” فمعناه: أنّ الإنسانَ يُسألُ يومَ القِيامةِ عنِ المالِ الذي في يدِهِ في الدُنيا فإنْ كانَ أخَذَهُ من طريقِ غيرِ الحرامِ لا يكونُ عليهِ مؤاخذةٌ لكنْ بِشَرطِ أنْ يَكونَ ما أنفقَهُ فيهِ أمرٌ أباحَهُ الشرعُ، فالنّاسُ في أمرِ المالِ ثلاثَةُ أصنَافٍ اثنانِ هالكانِ وواحدٌ ناجٍ فالهالكانِ أحدُهُما الذي جمعَ المالَ منْ حرامٍ والآخرُ الذي جمعَهُ منْ حلالٍ ثمّ صرفَهُ في الحرامِ. وكذلِكَ الذي يصرِفُهُ في الحلالِ للرياءِ هالِكٌ.

{وتحبون المال حبًا جمًا}

وأكثر الناس اليوم يحبون المال ويصرفون أعمارهم وأوقاتهم وأنفاسهم لجمع المال ولو حصلوا ما يكفيهم للعمر الغالب فإنهم لا يكتفون بل يبقون على جمع المال حتى الموت، قال تعالى: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ سورة الفجر.

وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لَوْ كَانَ لِابْنِ ءادَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ ءادَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ”

وروى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَكْبَرُ ابْنُ ءادَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ الْمَالِ، وَطُولُ الْعُمُرِ”

وروى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: “فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ”

من دلائل النبوة

والذي يتأمل في أحوال الناس في هذه الأيام، وانكبابهم على كسب هذا المال بأي وسيلة كانت سواء كان في أعمال مشبوهة، أو معاملات مخالفة للشرع الحنيف كالربا والغش وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها، يعرف أنه هذا الزمان هو الذي أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: “يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام” وفي رواية عند النَّسَائِيِّ قال: “يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانُ مَا يُبَالِي الرَّجُلُ مِنْ أَيْنَ أَصَابَ الْمَالَ مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَامٍ” وقد أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا تَحْذِيرًا مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ، وَهُوَ مِنْ بَعْضِ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ لِإِخْبَارِهِ بِالْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ.

القناعة وعيشة الكفاف

وقد أرشد صلى الله عليه وسلم أمته إلى القناعة وعيشة الكفاف، فقد روى الإمام أحمد في المسند عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا ءاتَاهُ”

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ” والْعَرَضُ هُنَا هُوَ مَتَاعُ الدُّنْيَا .وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أنَّ الْغِنَى الْمَحْمُودُ غِنَى النَّفْسِ وَشِبَعُهَا وَقِلَّةُ حِرْصِهَا، لَا كَثْرَةَ الْمَالِ مَعَ الْحِرْصِ عَلَى الزِّيَادَةِ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ طَالِبًا لِلزِّيَادَةِ لَمْ يَسْتَغْنِ بِمَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَهُ غِنًى .

وكما قال الشاعر:

النفسُ تجزعُ أن تكونَ فقيرةً والفــــقرُ خيــــــرٌ مـــــن غــــــنًى يُطغيــــــــــــــها
وغِنى النفوسِ هو الكـــــفافُ وإِن أبتْ فجميعُ ما في الأرضِ لا يَكفيها

ذم الله ورسوله لبعض الناس

وقد ذم الله من إذا أُعطي مالًا رضي، وإن لم يعط سخط، قال تعالى: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } سورة التوبة.

وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ”

  • وقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: “تَعِسَ” هُوَ ضِدُّ سَعِدَ، وَقِيلَ معناه الْبُعْدُ، وَقِيلَ الْهَلَاكُ، وَقِيلَ: تَعِسَ: أَخْطَأَ حُجَّتَهُ وَبُغْيَتَهُ .
  • وقَوْلُهُ: “عَبْدُ الدِّينَارِ” أَيْ طَالِبُهُ وَخَادِمُهُ وَالْحَرِيصُ عَلَى جَمْعِهِ وَالْقَائِمُ عَلَى حِفْظِهِ، فَكَأَنَّهُ لِذَلِكَ عَبْدُهُ، وذلك لانْغِمَاسِهِ فِي مَحَبَّةِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا كَالْأَسِيرِ الَّذِي لَا يَجِدُ خَلَاصًا، ولم يقل: مالك الدينار لأن المذموم من الملك والجمع الزيادة على قدر الحاجة.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البركة إنما تحل في المال إذا أخذه صاحبه بطيب نفس من غير شَرَهٍ ولا إلحاح، فروى البخاري ومسلم عن حَكِيم بْن حِزَامٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: “يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى”

قال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)} سورة الهمزة.

فالمال إن لم يستخدمه صاحبه في طاعة الله وينفقه في سبيله، كان وبالًا وحسرة عليه، قال تعالى: { فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } سورة التوبة.

وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} سورة الأنفال.

وروى الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ ءادَمَ: يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ”

وروى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ”

كثرة المال ليس دليل على محبة الله

وبعض الناس من يظن أن من رُزِق مالًا كثيرًا فإنه قد وُفِّقَ، وهو دليل على محبة الله له! وليس الأمر كذلك، فقد روى الإمام أحمد في المسند والحاكم في المستدرك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْمَالَ مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ فَقَدْ أَحَبَّهُ”

وقد ذكر الله هذا عن الإنسان، وأخبر أن الأمـر ليس كما ظن، فقال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56)} سورة المؤمنون.

وقال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا } سورة الفجر.

وقد أخبر عز وجل أن المال عرض زائل ومتاع مفارَق، قال تعالى: { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } سورة الحديد.

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة” .

اللهم اجعلنا من أهل القناعة واكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك ولا تجعل هذه الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا وعلق قلوبنا بحب الآخرة الباقية واغفر لنا وارحمنا يا أكرم الأكرمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:52 AM
    شروق الشمس4:36 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:30 PM
    العشاء8:02 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي