زيد المصري - Zaid Al-Masri

حب النبي الأكرم ﷺ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، الذي مَدَحَ سيدَ الأولينَ والآخرينَ فقالَ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ﴾ وجعلَ الحِلْمَ وحُسْنَ الخُلُقِ شعارَ الصَّالحين، أَحْمَدُهُ تعالَى بأنْ خَصَّنَا بالنَّبيِّ المَكِينِ، والرَّسولِ الأمِينِ، سيِّدِ المُرسَلِينَ، وخَاتَمِ النَّبيِّينَ، أرسَلَهُ بالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ إلى كافَّةِ المُكلَّفينَ مِنَ الخَلقِ فَخَتَمَ بهِ النَّبِيِّيْن، واصطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ واجتَبَاهُ لِبَيانِ شَرائعِ الدين، ورَفَعَ ذِكْرَهُ فِي الأولينَ والآخرين، فالصَّلاةُ عليهِ وعلَى ءالِهِ وصَحبِهِ ومَنِ اقتَفَى أثَرَهُ وأحْيَا سنَّتَهُ إلَى يومِ الدِّينِ.

أمَّا بعدُ:

شرفنا ربنا عز وجل وجعلنا من الأمة المحمدية

فقد قالَ تعالَى عنْ نبيِّهِ محمدٍ ﷺ: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} سورة الأحزاب.

هذَا هوَ نبيُّنَا الكريمُ ﷺ الذي شرَّفَنَا ربُّنَا عزَّ وجلَّ باتِّبَاعِهِ وجَعَلَنَا مِنْ أُمَّتِهِ وهدَانَا بهِ، فَلولاهُ أينَ كنَّا؟ لولَا أنَّ اللهَ مَنَّ علينَا بأنْ ءامنَّا بهِ أينَ كنَّا في وقتِنَا هذَا ؟ وكيفَ سيمُرُّ عُمُرُنَا؟ وماذَا سيكونُ مآلُنَا؟ فَفَضْلُ محمدٍ ﷺ علَى أمتِهِ خاصةً فضلٌ عظيمٌ ولهُ مِنَّةٌ وفَضْلٌ علَى أيِّ مسلمٍ مُوَحِّدٍ يَتْبَعُهُ إلَى قيامِ الساعةِ،

وقدْ جعلَ اللهُ لهُ منزلةً ومكانةً لَا تُضَاهَى وَلَا يُوصَلُ إليهَا بالاجتهادِ، هيَ منزلةٌ عظيمةٌ رفيعةٌ ومكانةٌ ربُّ العالمينَ خصَّ بهَا حبيبَنَا محمدًا ﷺ، ومِنْ عظيمِ منزلتهِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ أَنْ رَفَعَ اللهُ ذكرَهُ إلَى قيامِ الساعةِ ويومَ يقومُ الناسُ لربِّ العالمينَ وفِي جناتِ النعيمِ وعلَى أَلْسُنِ الأولينَ والآخرينَ،

فَمَنْ كَمُحَمَّدٍ ﷺ وأيُّ خُلُقٍ كَخَلْقِهِ وأيُّ صِفَةٍ كَصِفَتِهِ، فهو حبيبُ ربِّ العالمينَ وسيدُ الأولينَ والآخرينَ والمبعوثُ رحمةً للعالمينَ، مَنِ اقتدَى بهديِهِ أفلحَ وفازَ ومَنْ أعرضَ عَنْ نهجِهِ وسنَّتِهِ خَسِرَ الدنيَا والآخرةِ وذلكَ هوَ الخسرانُ المبينُ، وصدقَ ربُّنَا عزَّ وجلَّ حيثُ قال: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوْرًا فَمَا لَهُ مِنْ نُوْرٍ}

ولما كان نبينا ﷺ بهذه المنزلة وهذه المكانة تجد أن الصحابة رضوان الله عليهم والأخيار من سلف هذه الأمة وخلفها إلى يومنا هذا يتتبعون ما جاء عنه، وتتشوق قلوبهم للاقتداء به ويفرحون أي فرح إذا عرفوا وبلغهم شىء من أخباره الشريفة ﷺ، فكم من الحفاظ ألَّف في شمائله وفي خصائصه وفي تعامله مع أصحابه وأهله وفي أخلاقه.

فهنيئا لمن أحبه وتمسك بهديه ونصر دينه ودعوته فهو الذي أمضى عمره يدعو إلى هذا الدين.

محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام

والله عز وجل أمرنا بحبه وجعل حبه فرضًا على المسلمين ومن أبغضه فقد فارق الدين وحاد عن سبيل المرسلين، وجعل الله عز وجل حب محمد ﷺ موصلًا إلى محبته فالذي يحب الله تعالى يحب محمدًا ﷺ.

ومحبة الله تعالى بتعظيمه على ما يليق به سبحانه وتعالى وكمال هذه المحبة يكون باتباع الرسول الأعظم ﷺ وطاعته بالانقياد لشرع الله تعالى وباتباع أوامره واجتناب نواهيه أي بالتزام تقوى الله عز وجل التي هي أداء الواجبات واجتناب المحرمات،

وقد قال تعالى مرشدًا ومبينًا لعباده كيف تتحقق محبتهم لخالقهم عز وجل: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وحسن المتابعة تكون بأداء ما أوجب واجتناب ما حرم، فالعبد التقي هو الذي يطيع ربه وهذه علامة المحبة الصادقة، يقول ذو النون المصري: “من علامات المحب لله عز وجل متابعة حبيب الله (أي سيدنا محمد ﷺ) في أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه“.

حلاوة الايمان

وإن من كان صادقًا في حبه لله ورسوله وكان اتباعه للنبي المصطفى ﷺ اتباعًا كاملًا وجد حلاوة ولذة الإيمان في قلبه وكان من أولياء الله وأحبابه الصالحين. وعن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النبي ﷺ قال: “ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيَمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِواهُما وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا للهِ وَأَنْ يَكْرَه أَنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ” مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

أولياء الله وأحبابه

والذي وصل إلى كمال محبة الله ورسوله ﷺ يصير منور القلب وإيمانه يصير كاملًا ويصير من أولياء الله وأحبابه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهذا الولي هو المستقيم بطاعة الله ورسوله ﷺ بأداء الواجبات واجتناب المحرمات والإكثار من النوافل، وهذا الولي الصالح الله تعالى يتولى حفظه وحراسته من المحرمات ويديم توفيقه للطاعات، ويصون جوارحه وحواسه من الوقوع في المحرمات،

فمن أسماء الله الودود وهو الذي يود ويحب عباده الصالحين فيرضى عنهم ويتقبل منهم، فَالله تَعَالَى يَوَدُّ أَوْلِيَاءَهُ وَأَهَّلَ عِبَادَتِهِ فَيُكْرِمُهُمْ، ويُجْرِي الكراماتِ عَلَى أَيْدِيهِمْ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ،

وقد قالَ رسولُ اللهِ ﷺ فيمَا يرويهِ عنِ اللهِ تباركَ وتعالَى: “مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ ءاذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَىءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ” رواه البخاري. (هذا يُقالُ لَهُ فِى اللغَة العَرَبِيّة مِنَ المجاز، ليسَ عَلَى الحَقِيقَة وَلا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الظاهر، ومعنى الحَدِيث: أَحْفَظُ لَهُ سَمْعَهُ وبَصَرِهِ وَأَحْفَظُ لَهُ يَدُهُ فَلا يَمُدُّها إلى الحرام، وَأَحْفَظُ لَهُ رِجلُهُ فَلا يستَعْمِلُها فِي الحرام.ِ

فَالطَّبَقَةُ العُلْيَا مِنَ المؤْمِنِينَ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلبَشَرِ وَالْجِنِّ هُمُ الأَوْلِيَاءُ ثُمَّ سَائِرُ المؤْمِنِينَ، أَمَّا الملَائِكَةُ فَكُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللهِ وَإِنْ كَانُوا عَلَى دَرَجَاتٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأَكْبَرُ الأَوْلِيَاءِ فِي البَشَرِ وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً هُمْ أَوْلِيَاءُ الصحابةِ وَأفضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصّدِّيقُ رضي الله عنه ثُمَّ سَيِّدُنَا عَمَّرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه وَهؤلاءِ همْ أفضلُ أَوْلِيَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللهُ بُقُولِهُ: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} وهم كذلك أفضل البشر بعد الرسل،

وَالأَوْلِيَاءُ لَا يَنْقَطِعُونَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، ومن صار وليًا لله جعله الله تعالى من أحباب الملائكة المقربين سكان السماوات، وجعل محبته في قلوب عباده الصالحين في الأرض، يقول ﷺ: “إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تعالى العَبْدَ نَادَى جِبْريلَ (أي أوحى إليه): إِنَّ الله تعالى يُحِبُّ فُلانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحبُّهُ جِبْريلُ (وحب جبريل والملائكة: استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم. وسبب حبهم إياه كونه مطيعًا لله تعالى محبوبًا له) فَيُنَادِي (أي جبريل) في أَهْلِ السَّمَاءِ (أي الملائكة): إِنَّ الله يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوْضَعُ له القَبُولُ في الأَرْضِ” (ومحبة الله تعالى لعباده إرادته الخير له وهدايته وإنعامه عليه ورحمته)

(قال النووي: ومعنى يوضع له القبول في الأرض: أي الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه فتميل إليه القلوب وترضى عنه. وقد جاء في رواية: “فَتُوْضَعُ لَهُ الْمَحَبَّةُ” متفقٌ عليه. (أي تصير محبته في قلوب الأتقياء والصالحين من أهل الأرض وليس الغوغاء من الناس فهؤلاء لا عبرة بهم) وهذا هو جزاء الصالحين الأتقياء الأولياء من عباد الله فالله تعالى رزقهم كمال المحبة وحفظهم بحفظه سبحانه وأعطاهم الإيمان والعمل الصالح وهذه نعمة من الله تعالى لهؤلاء الصالحين،

يقول ﷺ: “وإِنَّ الله عَزَّ وجلَّ يُعْطِي الدُّنْيا مَنْ يُحِبُّ ومَنْ لا يُحِبُّ، ولا يُعْطِي الدِّينَ إِلا مَنْ أَحَبَّ، فمنْ أَعطاهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحبَّهُ” رواه أحمد. وهذا فيه تذكير لنا بأعظم النعم وهي نعمة الإيمان، فنعمةُ الإيمانِ أفضلُ مِنْ نعمةِ الصحةِ والمالِ، وقدِ اعتادَ بعض المسلمين قولَ كلمةٍ حُلوةٍ هيَ: (الحمدُ للهِ على نعمةِ الإسلامِ وكفَى بها من نعمَةٍ) ولذلكَ قالوا: “مَنْ أُعطيَ الدنيا ولم يعطَ الإيمانَ فكأنَّمـا ما أُعطيَ شيئًا، ومَنْ أُعطيَ الإيمانَ ولم يُعطَ الدنيا فكأنَّما ما مُنِعَ شيئًا”

وفي ذلكَ أنشَدَ بعضُهم:

نِعَمُ الإِلَــهِ عَلَـى الْعَبادِ كَـــثِيرَةٌ وَأَجَلُّــهُنَّ فَــنِعْمَـةُ الإِيـمَانِ

أقسام الكفر

وقد ذَكَرَ العلماءُ أنَّ الكفرَ يُقسَمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:

فَمِنْهُ مَا هوَ قوليٌ كَمَنْ يَسُبُّ اللهَ والعياذُ باللهِ أو يَسُبُّ دينَ الإسلامِ أو نبيًّا مِنَ الأنبياءِ أو مَلَكًا مِنَ الملائكةِ الكرامِ أو يستهزئُ بشرعِ اللهِ وبشريعتِهِ وبمعالمِ دينِهِ أو يستخفُّ بعذابِ جهنمَ فإنَّهُ أشدُّ عذابٍ خَلَقَهُ اللهُ تعالى.

والقسمُ الثاني مِنْ أقسامِ الكفرِ هوَ الفعليُّ كالذي يُلْقِيْ المصحفَ في القاذوراتِ أو يسجدُ للشمسِ والقمرِ.

والقسمُ الثالثُ هوَ الكفرُ الاعتقاديُّ كالذي يعتقدُ خلافَ عقيدةِ المسلمينَ كالذي يعتقدُ أنَّ للهِ ولدًا أو زوجةً أو شريكًا أو يعتقدُ عقيدةَ اليهودِ أنَّ اللهَ خلقَ السماواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ ثمَّ تعبَ في اليومِ السابعِ واستراحَ جالسًا على العرشِ فنزلَ فيهمْ قولُهُ تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ” فاللهُ تعالى لا يوصفُ بالتعبِ ولا بالجلوسِ ولا بالجسميةِ ولا بالحدِّ ولا بالمكانِ ولا بالزمانِ فهوَ خالقُ المكانِ والزمانِ كانَ موجودًا قبلَهُمَا بدونِهِمَا وهوَ الآنَ على ما عليهِ كانَ، ليسَ كمثلِهِ شىءٌ وهوَ السميعُ البصيرُ، مهمَا تصورتَ ببالكَ فاللهُ بخلافِ ذلكَ.

وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ وقعَ في أيِّ قسمٍ مِنَ الكفرِ فيجبُ عليهِ فورًا الرجوعُ للإسلامِ بالنطقِ بالشهادتينِ وتركِ ما صدرَ منهُ. نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُجَنِّبَنَا الكفرَ وما يُقَرِّبُ إليه مِن قولٍ أو عملٍ أو اعتقادٍ.

المحبه الصادقة

والمحب الصادق من شأنه وحاله أن لا يخالف حبيبه ومحبوبه كما قالت العارفة بالله السيدة الجليلة رابعة العدوية رضي الله عنها:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في الفعــال شنيـــع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمــن يحــــــب مطيـــع

وإن من شأن المحب لله تعالى ولرسوله ﷺ أن يكون لسانه دائمًا رطبًا بذكر الله عز وجل والصلاة على نبيه ﷺ فتعلق قلبه بهذا وأنسه بهذا وهيامه بهذا وقلبه منقطع عن عوالق الدنيا الفانية الزائلة لا يأنس إلا بذكر الله وذكر نبيه ﷺ، فتهون العبادة على قلبه ويسهل القيام والصيام والطاعة ومواصلة العبادة لربه عز وجل في قلبه وعلى جوارحه،

ألم نسمع عمن كان من هذه الأمة خمسين سنة يصوم الدهر (وهو الإمام البيهقي)، ومنهم من قام الليل كله أربعين سنة (وهو أبو حنيفة) ومنهم من كان يصلي أربعمائة ركعة في الليلة الواحدة (وهو أبو حنيفة) ومنهم من كان يصلى ثلاثمائة ركعة في الليلة الواحدة (وهو أحمد بن حنبل) وهناك بعض السلف واسمه عبد الواحد بن زيد أصابه فالج فدعا الله أن يرفع عنه ذلك عند الطهارة والصلاة (وهذا من شدة تعلق قلبه بالعبادة) فكان إذ أراد الوضوء للصلاة يرتفع عنه ثم يعود إليه،

ومنهم من كان يمكث في العلم وطلبه من صغره إلى ستين وسبعين سنة (كثيرون من كانوا كذلك ومنهم أكثر من ذلك كالقاضي أبي شجاع فقد جاوز المائة وخمسين سنة وهو يشتغل في العلم، فهؤلاء الذين صدقوا بحبهم لله وحبهم لنبيه ﷺ وحبهم لشرع الله تعالى، وعودوا أنفسهم على المداومة على الطاعة ورَوَّضُوا قلوبَهم فطاوعتهم فأفلحوا وهنيئا لهم، فالنفس على ما عودتها فإذا عودتها على شىء أَلِفَتْهُ، فإن عَوَّدْتَهَا الطاعة فاعتادتها وإن عودتها المعصية اعتادتها، فهنيئا لمن عود نفسه حب الله وحب نبيه ﷺ وحب هذا الشرع الحنيف.

فرضية محبة الله ونبيه الكريم

فمحبة الله عز وجل ومحبة نبيه الكريم ﷺ ما جاورت قلب عبد إلا أفلح بإذن الله وقد بين القرءان الكريم أهمية ذلك فقال عز وجل: {قُلْ إِن كَانَ ءابَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} فكفى بهذه الآية حضًّا وتنبيها ودلالة وحجة على لزوم وفرْضية محبته ﷺ وعظم قدرها.

وقد قال النبي الأعظم ﷺ: “لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ (أي لا يكون كامل الإيمان) حَتَّى أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ” رواه البخاري. والمراد بالمحبة في هذا الحديث محبة الميل، أي المحبة والميل الطبيعي الذي هو خَلْقِيٌ في الإنسان كميل الإنسان الطبيعي إلى أبيه وأمه وولده،

ولذلك لما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي المصطفى ﷺ: “أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَىءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِيْ” فقال له الرسول الأعظم ﷺ: “لَا يَا عُمَرُ حَتَّى أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ” فقال عمر رضي الله عنه: “وَاللهِ أَنْتَ الآنَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِيْ” فقال له النبي ﷺ: “الآنَ يَا عُمَرُ” هذا مع العلم أن المحبة باعتقاد الأعظمية كانت حاصلة لعمر قبل ذلك قطعًا ولكن عمر أجاب أولًا بحسب الطبع ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي المصطفى ﷺ هو أحب إليه من نفسه أيضًا لكونه ﷺ هو السبب في نجاته من المهلكات في الدنيا والآخرة ولذلك أخبر رضي الله عنه بما اقتضاه الاختيار وكذلك حصل الجواب من النبي ﷺ بقوله: “الآنَ يَا عُمَرُ” أي الآن عرفت فنطقت بما يجب.

هنيئًا لمن كان راسخًا في حب الله وحب نبيه ﷺ .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:58 AM
    شروق الشمس4:40 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:25 PM
    العشاء7:56 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي