زيد المصري - Zaid Al-Masri

الكذب ومخاطره 2

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد، وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم وسار على منوالهم إلى يوم الفصل والدين.

أما بعد:

فاَّتقُوا اللهَ عباد الله وَكُونوا معَ الصَّادِقين، كما قال ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾ سورة التوبة.

 وأخبر سبحانه وتعالى أن الصدق يُنجي العبد يوم القيامة فقال سبحانه: ﴿قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ  لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا  رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)﴾ سورة المائدة.

واعلموا أن الكذب صفة ذميمة، لا يلجأ إليه ويتحرَّاه إلا من ضعف دينه، وقلّ عقله، وتلاشت ثقته بنفسه، وما ذاك إلا لأن الكاذب لا يكذب إلا لينال من خلاله مطمعًا، أو ليستر به نقصًا، ويواري به ضعفا،

ومن الأسباب التي تدفع بعض الناس إلى الكذب الديون، وكان النبي ﷺ يدعو فيقول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ‏الْمَأْثَمِ ‏وَالْمَغْرَمِ” ‏فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ ‏الْمَغْرَمِ؟ ‏فَقَالَ: “إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ‏‏غَرِمَ ‏‏حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ” رواه البخاري ومسلم.

وهذا حال بعض المديونين فإنهم يقولون للدائن: غدًا أعطيك وهو كذاب، يعده إلى وقت وهو كذاب.

ولو كمُل إيمانه لأيقن أن الله قد كتب كل شىء وقدَّرَه، فلن يستجلب العبد بالكذب ما لم يُقدَّر له، ولن يدفع عن نفسه بالكذب ما قُدِّر عليه، ولن ينال به حمدًا، ولن يدفع به ذمًّا. وقد يلجأ الإنسان للكذب للتملص من خطأ وقع فيه مع أن الصدق هو الذي ينجيه.

واعلموا أن الكذب يذهب المروءة وهو علامةٌ على النفاق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “ءايَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ” رواه البخاري ومسلم.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: “أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ” رواه البخاري ومسلم.

وقد قال الله عن المنافقين: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)﴾ سورة البقرة. فأهل النفاق والرياء كذابون لأن ظاهرها العمل لله، وباطنها خلاف ذلك.

وقد قال رسول الله ﷺ: “إنَّ أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكُمُ الشِّركُ الأصغرُ” قيل: وما الشِّركُ الأصغرُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: “الرِّياءُ، يَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ إذا جَزَى النَّاسَ بأعمالِهِم: اذهَبوا إلى الَّذين كنتُم تُراؤُون في الدُّنيا، فانظُروا هل تَجِدون عندَهُم جَزاءً” رواه أحمد.

ولما علم الصالحون خطورة الكذب وأنه من خصال النفاق، وأنه يهدي إلى الفجور، ابتعدوا عنه كل البعد من شدة خشيتهم من الله، ولما خرج أحد علماء الحديث يطلب الحديث من رجل، فرءاه يشير إلى دابته برداء كأن فيه شعيرا وليس فيه شىء، رجع وقال: “لا ءاخذ الحديث عمن يكذب على البهائم”.

والمؤمن لا يبلغُ كمالَ الإيمان حتى يترك الكذب في الجد والهزل، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: “ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ يَجِدُ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: تَرْكُ الْمِرَاءِ فِي الْحَقِّ، وَالْكَذِبُ فِي الْمُزَاحَةِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ” رواه عبد الرزاق في مصنفه.

وقد تكفَّل النبي الكريم ﷺ ببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا،

فعن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: “أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ” رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ. والبيهقي في السنن الكبرى.

فأَفهَمَنا رسولُ الله ﷺ بأنّهُ ضَامنٌ وكافلٌ لمن تَركَ المِراءَ وإنْ كانَ مُحقًّا، أي لمن تَركَ الجِدالَ الذي لا يَعُودُ لمصلَحَةٍ في الدّينِ أي لا يَعُودُ إلى إحقَاقِ الحقّ ولا إبطالِ الباطلِ إنّما مجردُ مجادلةٍ في الأمورِ التافهةِ ونِزاعٍ بأن يُعطيَهُ الله بيتًا في رَبَضِ الجنةِ أي أطرافِها.

الْجِدَالُ الَّذِى لا يُرَادُ بِهِ إِحْقَاقُ الْحَقِّ وَإِبْطَالُ الْبَاطِلِ الْجِدَالُ الَّذِى لَيْسَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ يُرَادُ بِهِ إِخْفَاءُ الْحَقِّ أَوْ يُرَادُ بِهِ التَّعَاظُمُ عَلَى النَّاسِ وَالتَّرَفُّعُ عَلَيْهِمْ مَذْمُومٌ مَمْقُوتٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيُوجِبُ الْبُعْدَ مِنَ اللَّهِ.

ومِنَ المراءِ أنْ يتَجَادَلَ اثنَانِ في أَمرٍ لا يَرجُوَانِ مِن وَرائه نتِيجةً وليسَ فيهِ إحقَاقُ حَقّ ولا إبطَالُ بَاطِل، مِثَالُ ذلكَ أنْ يَقولَ شَخصٌ لآخَر هذَا الغَرضُ سِعرُه كَذا فيَقُولَ الآخَرُ لا سِعرُه كذا، وهكَذا،

أو يقولَ أحَدُهما للآخَر حَصَل في بلَدِ كَذا كَذا فيَقُولَ الآخَرُ لا حصَلَ كَذا، وهكَذا. هذَا مَن تركَهُ اللهُ تَعالى يُعطيْهِ جَزاءً على تَركِه لِلمِراءِ بَيتًا في ربَضِ الجَنّة.

أما إن كانَ الغرضُ منَ الجِدالِ إِحقاقُ الحقِ وإبطَالُ الباطلِ فهذا حقٌّ .كمَا إذا إنسانٌ قالَ عن شىءٍ أَحلَّهُ اللهُ حَرامٌ فمُجَادَلَتُه فَرضٌ لإظْهارِ حقِّ الشَّرعِ، لإظْهارِ أمرِ الدِّيْنِ.

كذلكَ العَكسُ فالجِدالُ فيهِ مطلُوبٌ لأنَّ في ذلكَ حِفظَ الشّريعةِ حِفظَ دِينِ الله، فإذا جَادَلْتَ إنسانًا يُحلّلُ الحرامَ تَرُدُّه إلى الصّوابِ أو جَادلتَ شخصًا يُحَرّم الحلالَ تجادلُه حِفظًا للشّريعةِ، فأنتَ لكَ ثوابٌ عندَ الله بهذا الْمِرَاء، بهذا الجِدالِ لأنَّ حِفظَ الشّريعةِ فَرضٌ.

ثم قال ﷺ: “وببَيتٍ في وسَطِ الجنّةِ لمن تَركَ الكذبَ وإن كانَ مازِحًا، وببَيتٍ في أعلى الجنّةِ لمَنْ حسَّنَ خلُقهُ” وحُسنُ الخُلُقِ هو أنْ يَعمَلَ المعرُوفَ معَ الذي يَعرِفُ لهُ إحسَانَهُ والذي لا يَعرِفُ لهُ إحسَانَهُ، وأنْ يتَحمَّلَ أذَى النّاسِ أي يَصبرَ على أذَى النّاس، وأنْ يَكُفَّ أذَاهُ عن النّاس.

فإذا التَزمتُم هذا الحديثَ فعَمِلتُم به صِرتُم منَ الفَائزِينَ تَكونُونَ ارتَقيتُم إلى المعَالي. فمَنْ تَمَسَّكَ بِهَذهِ الوَصايا فهوَ مِنَ الأَعلَيْنَ دَرَجَةً عِندَ الله، لو كانَ لا يصومُ إلا رمضَانَ ولا يُصَلّي إلا الصَّلواتِ الخَمْس فهوَ كالرَّجُلِ الذي يقومُ اللَّيلَ يُصلّي والنَّاسُ نِيام ويصومُ صِيَامًا مُتتَابعًا، هذا وهذا درَجتُهُمَا سواء، هذا بِحُسْنِ خُلُقِهِ وذَاكَ بِكَثرَةِ الصَّلاةِ والصّيامِ.

 وليعلم أن الانبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الكذب فيستحيل أن يقع أحد الأنبياء بكذبة ولو صغيرة لأن هذا ينافي منصب النبوة لارتفاع الثقة والله تعالى حكيم لا يبعث نبيا كذابا، فالأنبياء لا يقعون في الكذب أبدا، ولا يحصل منهم أيضا سبق اللسان،

ولو كان يحصل من النبي سبق لسان لقال الناس لعل النبي عندما قال كذا قاله عن سبق لسان، وأما التورية فتجوز على الأنبياء وفرق بين الكذب وبين التورية لأن الكذب هو الكلام بخلاف الواقع عمدا،

وأما التورية فهي أن تذكر لفظا يحتمل معنيين بلغة العرب معنى قريب ومعنى بعيد فتوهم بإرادة المعنى القريب وأنت تريد البعيد، كالذي حصل مع سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما سأله النمرود عن زوجته ساره من هذه فقال إنها أختي. وأراد أختي في الإسلام،

وعندما دعاه قومه لعباده الأصنام فقال إني سقيم أي سأسقم سقم الموت، لأن من كان سيف الموت مسلط عليه فهو سقيم كما ذكر القرطبي في تفسيره.

 ولما كسر الأصنام وأسند الفعل إلى كبيرهم أراد أنه هو الذي حمله على ذلك من شدة اغتياظه منهم بتجميل صورته وهيئته فإسناد الفعل إلى الكبير إسنادا مجازيا فلا كذب في ذلك،

وروى البيهقي في دلائل النبوة أن النبي عليه السلام قل ما كان يخرج في غزوة إلا وورى أي أظهر أنه يريد غيرها وقال عليه السلام فيما رواه أبو داود في سننه: “الحرب خدعة”.

واعلموا أن الصِّدق منجاة للعبد في الدنيا والآخرة.

فها هو كعب بن مالك رضي الله عنه صدق مع النبي ﷺ وقال وهو يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك: فلما بلغني أن النبيَّ قد توجه قافلا من تبوك اشتد حزني، حتى أصبح رسول الله قادما،

وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له أنهم كانوا معذورين، وكانوا بضعا وثمانين رجلا،

فقبِلَ منهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله. (أي أن الله أعلم من كان صادقا منهم ومن كان كاذبا)

قال كعب: حتى جئت فلما سلمت عليه تَبَسَّمَ تبسم المُغضب ثم قال: لا فجئت أمشي حتى جلستُ بين يديه فقال لي: “ما خَلَّفَكَ، ألَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟” أي (اشتريت الإبل)

فَقُلتُ: بَلَى يا رسول الله، إنِّي واللَّهِ لو جَلَسْتُ عِنْدَ غيرِكَ مِن أهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أنْ سَأَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ بعُذْرٍ، ولقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، (أي فصاحة وبراعة في الكلام) ولَكِنِّي واللَّهِ،

لقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليومَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى به عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، ولَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ، تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، (أي تغضب علي فيه لأنني تخلفتُ بلا عُذر) إنِّي لَأَرْجُو فيه عَفْوَ اللَّهِ،

(أي إني أرجو بالصدق العاقبة الحسنة بتوبة الله علي) ثم قال: لا واللَّهِ، ما كانَ لي مِن عُذْرٍ، واللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أقْوَى، ولَا أيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ،

فقال رسول الله ﷺ: “أمَّا هذا فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ”  قال كعب: ولقيَ هذا معي رجلان من الصحابة، قالا مثل ما قلتُ وقيل لهما مثل ما قيل لي. وهما مُرارةَ بن الربيع العَمْري وهلال بن أمية الواقفي.

قال كعب: ونَهَى رَسولُ اللَّهِ ﷺ المُسْلِمِينَ عن كَلَامِنَا نحن الثَّلَاثَةُ مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عنْه، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، ثم أَنْزَلَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ في القرءان العظيم في توبه الله على هؤلاء الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله ﷺ:

﴿لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (117)

وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾ سورة التوبة.

وقال كعب: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ إنَّما نَجَّانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتي أنْ لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدْقًا ما بَقِيتُ، فَوَاللَّهِ ما تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ ﷺ إلى يَومِي هذا كَذِبًا، وإنِّي لَأَرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيتُ.

قال كعب: وَاللَّهِ ما أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، أعْظَمَ في نَفْسِي مِن صِدْقِي لِرَسولِ اللَّهِ ﷺ أنْ لا أكُونَ كَذَبْتُهُ، فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فإنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)﴾ سورة التوبة.

قَالَ كَعْبٌ: وكُنَّا تَخَلَّفْنَا أيُّها الثَّلَاثَةُ عن أمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ منهمْ رَسولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ حَلَفُوا له، فَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لهمْ، وأَرْجَأَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أمْرَنَا حتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذلكَ قَالَ اللَّهُ: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾

وأنزل الله قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾ سورة التوبة. اللهمَّ احْفَظْنَا مِنَ الكذِبِ واجعلنا من عبادك الصادقين يا أرْحَمَ الرَّاحِمِين.

فعلى طالب النجاة أن يتجنب الكذب حتى لا يكتب عند الله كذابا ويعرف بين الناس بالكذاب كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ومن أكثر من شئ عرف به”

وقال رسول الله ﷺ فيما رواه الترمذي وحسنه: “إذا كذب العبدُ كَذبةً تباعدَ عنهُ المَلَكُ مِيلا من نَتَنِ ما جاء به” وعلى طالب النجاة أن يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ويكون من أهل الثقة بين الناس فإن الصدق منجاة في الدنيا والآخرة.

 وصدق من قال:

 احفظ لسانك أيها الإنســان

لا يلدغنك إنه ثعبـــان

 

كم في المقابر من قتيل لســــانه

كانت تهاب لقاءه الشجعان

فاَّتقُوا اللهَ وَكُونوا معَ الصَّادِقين كما قال ربنا تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)﴾ سورة التوبة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عباده الصادقين، وأن يباعد بيننا وبين الكذب، وأن يحفظ ألسنتنا وقلوبنا، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر3:15 AM
    شروق الشمس4:52 AM
    الظهر11:34 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:15 PM
    العشاء7:42 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي