زيد المصري - Zaid Al-Masri

الزهد 2

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين ومن تبعهم وسار على منوالهم إلى يوم الفصل والدين.

أما بعد:

يقول الله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ  وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ  أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)﴾ سورة الأنعام.

وقال سبحانه: ﴿ وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ  وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ  لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)﴾ سورة العنكبوت.

فإن حقيقة الحياة الدنيا تتمثل في أنها دار ابتلاء واختبار، وأنها سريعة الزوال والانقضاء، وأنها تفتن المغترين بها وتهلكهم في شعابها، وأنها لا وزن لها ولا قيمة عند الله، وأنها لا تخلوا من الآفات والبليات والمنغصات،

وأنها لعب ولهو وتكاثر، وأنها لا تصفو لأحد، هذه كلها حقائق بينة لذوي الألباب، ولهذا فإن من طلب الدار الآخرة والجنة، فلا يعلق قلبه بهذه الدنيا الفانية، لأنه علم أن العون له في ذلك أن يكون زاهدًا في الدنيا مع تحصيله للعلم الواجب والعمل به، وذلك لأن الزهد طريق الرسل والأنبياء والصالحين.

والزهد: هو انصراف القلب والنفس عن طلب الدنيا والرغبة في متاعها وملذاتها، إلى طلب الآخرة والجنة، والرغبة في نعيمها وحصول السعادة الأبدية فيها،

وذلك لقوله تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (17)﴾ سورة الأعلى.

وقال تعالى: ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ سورة النحل.

فملذات الدنيا منغصة بالآفات والابتلاءات والأمراض، ثم يفارقها الإنسان بالموت ومفارقة الدنيا، أما الجنة فليس فيها شىء من تلك المنغصات والآفات، وهي باقية إلى ما لا نهاية،

وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم أن النبي ﷺ قال: “وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ”

أي أن نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة  مثل جعل أحدكم (إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ) أي مغموسًا في البحر ذي الماء الكثير، فليتأمل أحدكم بالبلل الذي يعلق على إصبعه الذي هو كلا شىء بالنسبة لماء البحر، فنعيم الدنيا كلا شىء بالنسبة لنعيم الآخرة.

فملذات الدنيا من المال والجاه وغيرهما من الأمور الفانية السريعة الزوال، فلا ينبغي لأحد أن يفرح ويغتر بسعتها، ولا يجزع ويشكو من ضيقها، بل يقول في الحالتين :“اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة” فإنه قاله ﷺ، وإنما الدنيا مزرعة الآخرة كما قال عليه السلام: “الدنيا مزرعة الآخرة”

وصدق من قال:

الدنيا ساعة فاجعلها طاعة

النفس طماعة علمها القناعة

وقد كان النبي ﷺ أزهد الناس في الدنيا، وجاءت سيرته الزكية ببيان ذلك في مطعمه وملبسه وفراشه وسائر حياته، فقد كان لا يوقد في بيت النبي ﷺ نار لطهي الطعام ثلاثة أهله، أي ثلاثة أشهر، ولا يأكلون إلا التمر والماء، وكان ﷺ ينام على الحصير،

وروى الترمذي في سننه وصححه عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعود رضي الله عنه قَالَ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ! فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً .فَقَالَ: “مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إلا  كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا”

وهكذا عاش كثير من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على الزهد والورع.

 والزهادة في الدنيا أن يكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تصب بها سواء. وسئل بعضهم عمن معه مال هل يكون زاهدًا؟ قال: “إن كان لا يفرح بزيادته ولا يحزن بنقصه فهو زاهد”

وقال إبراهيم بن أدهم: الزهد ثلاثة أقسام: زهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة. فأما الزهد الفرض: فالزهد في الحرام، والزهد الفضل: الزهد في الحلال. وزهد السلامة: الزهد في الشبهات. وأما الطريق إلى تحقيق الزهد في الدنيا فهو تعلم علم الدين والعمل به مع ذكر الموت وتذكر الآخرة.

وكما قيل: “لا وصول إلا على الأصول” ولا وصول للدرجات العلى إلا بالزهد في الدنيا،

 

ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين:

الأول: نظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخستها، وألم المزاحمة عليها والحرص عليها، وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد، وءاخر ذلك الزوال والانقطاع مع ما يعقب من الحسرة والأسف، فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها، وهم حال الظفر بها، وغم وحزن بعد فواتها فهذا أحد النظرين.

 

والنظر الثاني: النظر في الآخرة وإقبالها واقترابها، ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات والمسرات، والتفاوت في درجاتها (أي في درجات الجنة) والله تعالى يقول: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ فإذا تم له هذان النظران، ءاثر ما يقتضي العقل إيثاره، وزَهِد فيما ينقضي ويزول.

لكن كثير من الناس يؤثر النفع العاجل واللذة الحاضرة على النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة، إلا إذا تبين له فضل الآجل على العاجل وقويت رغبته في الأعلى والأفضل، فمن عرف قدر الآخرة هانت عليه الدنيا، وقد عرف أهل الصلاح والولاية قدر الآخرة فطلقوا الدنيا

كما قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: “يا دنيا غري غيري غري غيري قد طلقتك ثلاثا لا رجعةَ فيها”

فإذا ءاثر الفاني الناقص كان ذلك لعدم تبين الفضل له، وذلك يدل على ضعف الإيمان وضعف العقل والبصيرة، فإن الراغب في الدنيا الحريص عليها المؤثر لها، إما أن يصدق بأن هناك أشرف وأفضل وأبقى، ويصدق بالآخرة فيكون بإقباله على الدنيا مضيعا لكثير من الخيرات،

وإما أن لا يصدق بذلك فيكون بلا للإيمان أي أنه كافر بالله العظيم، فمن شك في الآخرة أو أنكر بيوم الدين لا يكون من المؤمنين. وأما إن كان صدقا بذلك ولم يؤثره كان ضعيف الفهم سيء الاختيار لنفسه.

وبعض الناس يعملون بالحرام ويأكلون من حرام ويُطعمون أولادهم من حرام !! وهم غافلون عن حديث رسول الله ﷺ: “لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القيامةِ حتَّى يُسْألَ عن أَربعٍ: عَن عُمُرِهِ فيما أَفناهُ وعن جَسدِهِ فيما أبْلاهُ وعنْ مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفِيما أنفقَهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ”

فينْبَغِي عَلَى الإِنْسان العاقِل أَنْ يُحَضِّرَ جَوابَهُ وَأَنْ لا يَصْرِفَ وَقْتَهُ فِيما لا مَنفَعَةَ فِيهِ.

ولذلك كان الأَنبياء وَالأَوْلِياء عَلى الزُّهْدِ فِى الدُّنْيا، لأن الإِنْسانَ لا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الاسْتِقامَة إِذا كانَ مُعَلَّقَ القَلْبِ بِالدُّنْيا.

فالدُّنيا والآخِرَة ضَرَّتانِ، الدنيا والآخرة لا يجْتَمِعانِ فِى قَلبِ إِنْسان، تَعَلُّقُ القَلْبِ بِالدنيا وَالاسْتِقامَة لا يَجْتَمِعان، لذلِكَ قالَ النبيُّ لمعاذ بن جبل: “يا معاذ، إِيّاكَ وَالتَّنَعُّمَ، فَإِنَّ عِبادَ الله ليْسُوا بِالمُتَنَعِّمِين” أي الصالحين ليسوا من أهل التنعم.

وجاءَ فِى الحَدِيث القدسي عَنِ النَّبيّ ﷺ أَنَّهُ قال: “يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يا ابْنَ ءادَم تَفَرَّغ لِعِبادَتِي أَمْلَأُ صَدْرَكَ غِنًى وأَسدُّ فَقْرَك، وَإِلا تَفْعَل مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرُكَ” فَفقْرُ القَلْبِ لا يُسَدّ.

ومعنى: “أَسُدَّ فَقْرُكَ” يَعْنِى لا تُحِسُّ بالفَقْرِ فِى القَلب فيَكُونُ عِنْدَكَ غِنَى القَلْب. أَمّا إِنْ لَمْ تَفْعَل ذلِك وانْغَمَسْتَ فِى الدُّنْيا يبْقَى قَلبُكَ فقِيرًا ولو كنت غنيًا بالمال.

ولذلِكَ قالَ ﷺ: “إِنَّ اللهَ إِذا أَحَبَّ عَبْدًا حَماهُ الدُّنيا كَما يَظَلُّ أَحَدُكُم يَحْمِي سَقِيمَهُ الماء” رواه الترمذي وابن حبان.

فالمرِيض يَشتَهِي أَحيانًا أُمورًا مِنَ الطّعام ولا تُطْعِمُهُ لأَجلِ مَصْلَحَتِهِ، وأَحيانًا لا تَسقيه الماء لأَجْلِ مَصْلَحَتِهِ لأَنَّكَ تُحِبُّهُ وَتُحِبُّ مَنْفَعَتَهُ، وَكذلِكَ إِذا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا حماهُ الدُّنْيا! فلا تَقَعُ محبّةُ الدُّنْيا فِى قَلبِهِ،

ولِذلِكَ أَغلَبُ الصالِحِينَ والأَولِياء هُم فُقَراء ليسُوا أَغنِياء مَعَ أَنَّهُ ليسَ كُلُّ فقِيرٍ زاهِدًا، بَلْ كَثِير مِنَ الفُقَراء إِنّما لا تَصِل يدهم إِلَى الدّنيا وَلَو وَصَلَت ما تَرَكُوها.

ومن تأمل أقوال أهل السلف الصالح وأهل الصلاح وجد أنهم جعلوا الزهد في الدنيا في أمور ثلاثة، كُلّ واحدة منها فرع عَنِ التَّوَكُّل عَلَى الله:

الأول: أَنْ تَشْهَدَ بِقَلْبِكَ عَقدًا. أي أَن تَعْتقِدَ مُتَيَقِّنًا بِقَلبِكَ أَنَّ رِزْقَكَ لا يَأْكُلُهُ غَيرُك، فما كَتَبَه اللهُ لَكَ لا بُدَّ أَنْ يَصِلَ إِلَيْك ولا يَرُدُّهُ عَنْك كَراهِيَةُ كارِه بلْ هُوَ بِيَدِ اللهِ تعالَى، وَما لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ لَكَ رِزْقًا فلَنْ يَصِلَ إِلَيْك تَعِبْتَ أَوْ لَمْ تَتْعَب،

بَذَلْتَ الجُهْدَ أَوْ لَمْ تَبْذُل، فَعَلْتَ أَو لَمْ تَفْعَل، فلا بُدَّ أَنْ يَعقِدَ الإِنسانُ قلبَهُ عَلَى هذا، فإِذا شَهِدَ ذلِكَ بِقَلبِهِ، اعْتَمَدَ عَلَى اللهِ تعالَى فِى أُمُورِهِ، فَامْتَنَعَ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيا بِالأَسبابِ المحَرَّمَة وَبِالأَسبابِ الْمَمْنُوعَة وَبِالأَسبابِ المكروهَة. وهذا مِنْ أَسبابِ الوصول إِلَى الزُّهْدِ فِى الدُّنْيا.

والثاني: أَنْ يَكُونَ العَبْدُ إِذا أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فِى دُنْياه مِنْ ذَهابِ مال أَوْ فَقْدِ وَلَد أَوْ فقَدَ أَمرٍ مِن أُمُورِ الدُّنْيا، أَفْرَح بِالثَّوابِ الذي يَنالُهُ مِنْ ذلِك بِما كانَ ينالُهُ مِنْ مَنْفَعَةٍ دُنيوِيّة. لأنه إِنْ صبَر يكون له الثواب فَيَفْرَح بِهذه المصيبَة التي أَصابَتْهُ لأَنَّهُ يَطْمَعُ بِالثَّوابِ مِنَ اللهِ بِسَببِها.

وَالثالِث: أَنْ يسْتَوِيَ عِنْدَ العَبْدِ الحَمْدُ وَالذَّمّ مِنَ العِباد. وليس المراد أن لا يفرح بالمدح لأَنَّ الإِنسان مَجبُولٌ عَلَى ذلِك. فإذا قيل لإنسان: نحن نحبك ونفرح برؤيتك يَفْرَحُ، بل المقصُودُ أَنْ لا يَحْمِلَهُ مَدْحُ الناسِ عَلَى فِعْلِ أمرٍ أَوْ تَرْكِهِ، وَأَنْ لا يَحْمِلَهُ ذَمُّ الناسِ عَلَى فِعْلِ أمرٍ أَوْ تَرْكِهِ.

وكذا أن يحمله ذلك على الوقوع في الرياء. فإِذا كانَ عَقَدَ قَلْبَهُ على ذلك، فإنه يَحْمِلُهُ ذلك على مراعاة الشرع وإرضاء الله فلا يُقدم مرضاة الناس على مرضاة الله.

وقد قِيلَ: الرُّؤْيا الصالِحَة تَسُرُّ المؤمِن وَلا تَغُرُّهُ وكذلِكَ مَدْحُ الناس. وما أَسْهَلَ أَنْ يَنْقَلِبَ مدح الناس ذَمًّا فِى كَثِير مِنَ الأَحْوال، فَيَنبَغِي عَلَى العاقِل أَنْ لا يُبالِي بمدح الناس وطلب رضى الناس جميعًا فهذه غايَةٌ لا تُدْرَك،

(فإرضاء الناس غاية لا تدرك وإرضاء الله غاية لا تترك، فاترك ما لا يُدرك وأدرِك ما لا يُترك).

كانُوا يَقُولون: الذي يكون كُلّ جِيرانه الصالِحُ مِنْهُم وَالطّالِح راضِين عَنْهُ يَكُونُ مُنافِقًا. وغالِبًا هكذا يَكُونُ الحال، فلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هناكَ مَنْ يَمْدَحُ الإِنسان وَمَنْ يَذُمُّهُ.

فاعْمَل لِنَفُسِكَ صالِحًا ولا تَحْتَفِل

بِظُهُورِ قِيلٍ فِى الأَنامِ وَقـالِ

 

فالخَلْقُ لا يُرْجَى اجْتِماعُ قُـــلُوبِهِم

لا بُدَّ مِنْ مُثْنٍ عَلَيْكَ وَقالِ

قال أحدُ العارفينَ بربِّهِ ناصحًا مريديه: “إياكُم والغَفلَةَ بالتَّنَعُّمِ وتَعَلُّقِ الهِمَمِ بِتَكثِيرِ الأموَالِ”.

وقال الإمام القُشَيْرِيُّ فِي وَصفِ الزاهدين: “فَقَدْ جَعَلَ اللهُ هَذِهِ الطَّائِفَةَ صَفْوَةَ أولِيَائِهِ”.

وقال أبو الحَسنِ الفرغانيُّ : سألت أبا بكر الشِّبلِيُّ: ما علامة العارف؟ فقال: صدرُهُ مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه مطروح. قلتُ: هذه علامة العارف، فمن العارف؟ قال: العارف الذي عرف الله عز وجل، وعرف مراد الله عز وجل على ما ورد في كتاب الله، وعمل بما أمر الله، وأعرض عما نهى الله، ودعا عباد الله إلى الله عز وجل. فقلت: هذا العارف.

وقالَ أبو بَكرٍ الطُّمِسْتَانِيّ: “الطريق واضح، والكتاب والسنة قائمان بين أظهرنا، فمن صحب منا الكتاب والسنة، وتغرّب عن نفسه والخلق، وهاجر بقلبه إلى الله تعالى، فهو الصادق المصيب”.

فعجبًا لرجل يرائي بعمله مخلوقًا مثله ويترك أن يعمل لله، فالزاهد لا يقصد بالزهد مدح الناس له، وأفضل الزهد إخفاء الزهد.

وروي أن رجلًا قال لأحد الصالحين: أوصني؟ فقال: “دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها، وكن في الدنيا كالنحلة، إن أكلت أكلت طيبا، وإن أطعمت أطعمت طيبا، وإن سقطت على شئ لم تكسره ولم تخدشه”.

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: “أعلى مرتبة في الزهد ترك ما يشغل عن الله وهو زهد العارفين”

وقال أحدهم: “الزهد سفر القلب من وطن الدنيا إلى الآخرة”

وقال أحدهم: “الزهد عدم الفرح بإقبال الدنيا وعدم الحزن على إدبارها” .

ومن أدل دلالات الزهد: أن تغتنم الوقت فيما يقربك إلى الله. وإذا كان عندك وقت فراغ فلا تشغله بما لا يعني ولو كان حلالا مباحا بل اشغله بما فيه أجر وثواب، وكما قيل: الوقت إن لم تشغله بما يعني شغلك بما لا يعني” .

لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَســـــــكُنُها

إِلّا الَّتي كــانَ قَبـــلَ المَوتِ بانيــــها

 

إِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَســـــــــكَنُها

وإِن بَناها بَشَــــرٍّ خــــــــابَ بانيها

 

النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِــمَت

أن السَّـــــــامَةَ فيها تَركُ ما فيها

 

فاغرس أصول التُّقى ما دمت مجتهدا

واعـــلم أنك بعد المــــوت لاقيــها

 

أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَــــــــــــلطَنَةً

حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها

 

أَمــــوالُنــا لِذَوي المــيراثِ نَجـــمَعُها

وَدورُنا لِخـــــرابِ الـــدَهرِ نَــــبنيــها

 

 نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الزاهدين. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همِّنا ولا مبلَغَ علمنا وعلِّق قلوبنا بالآخرة الباقية يا أرحم الراحمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:59 AM
    شروق الشمس4:41 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:25 PM
    العشاء7:55 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي