أما بعد:

تنفع لتسعين داء

لا حول ولا قوة إلا بالله كلمة عظيمة مباركة شريفة، ورد في الحديث الذي رواه الحاكم ما يدل على عظيم فضلها حيث قال رسول الله ﷺ : “لا حول ولا قوة إلا بالله تنفعُ لتسعينَ داء أقُّلها الهم” والرسول قال ذلك بالوحي، وهو ﷺ أصدق خلق الله.

ولو أن شخصًا به عشر علل مثلًا وذهب عند أشهر أمهر وأخبر وأقوى طبيب فقال له الطبيب استعمل هذا الدواء لمدة ستة أشهر تُشفى من كل هذه الأمراض التي عندك، فبحسب العادة فإن هذا المريض سيلتزم بأخذ هذا الدواء ويواظب عليه.

فإذا كان سيد المرسلين الصادق المصدوق محمد ﷺ يقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله تنفعُ لتسعينَ داء” والحوقلة ذكر وطاعة وعبادة وشفاء وبركة وخير ونور، فكيف لا تواظب على هذا الدواء،

وفي كثير من الأحيان تسمع من الناس التذمر والتشكي، من قلة المال وعدم تيسير العمل، وهذا لا يجد مالًا ليكفي زوجته وأولاده، وهذا يقول ما عندي طعام ولا شراب، وذاك يقول العمل ضعيف وهناك مظاهرات وهكذا…

ولو أن الواحد عود نفسه على شكر الله والإكثار من ذكر الله سبحانه والثناء عليه، والاشتغال بالحوقلة بدلًا من التشكي لحصلوا البركات، فإنها أي الحوقلة تنفعُ لتسعينَ داء أقُّها الهم، إذا كان أقلُّها الهم وهناك أناس يموتون من الهم،

فإذا كان أقلها الهم فلا تستبعد أن يكون السرطان والسكري والسل داخلين في هذه الأمراض فإن الله على كل شىء قدير، فكم من أناس أصيبوا بالسرطان وأمراض أخرى خطيرة ومنتشرة ومُستحكِمة في الأجساد شفي منها الإنسان من كثرة الاستغفار والحوقلة، بالدعاء والتضرع إلى الله في الليل، في الثلث الأخير من الليل قبل الفجر، والدعاء في السجود،

سر الصدقة

وببركة الصدقة والنبي ﷺ يقول: “داووا مرضاكم بالصدقة” وقال أيضًا: “صدقة السر تقي مصارع السوء”

مريض شفي بدعوة

كم من مريض شفي بدعوة، وكثير من كلام الأطباء في الهواء، فأحيانا يقول الطبيب لا نستطيع أن نعمل له شيئا ولن يعيش أكثر من شهر أو أسبوع أو ثلاثة أيام ونحو ذلك، ويقول: خذوه ليموت في بيته ! فيُشفى المريض ويموت الطبيب ويذهب المريض ليعزي بالطبيب! وهذا حصل.

واحد من ءال قباني جدته كانت مريضه فقال له الطبيب لن تعيش أكثر من ستة أشهر ! فخذوها وضعوها في البيت، فعاشت ثلاثين سنة بعدها ! ومات الطبيب وكانت هذه المرأة تعرف أهله فذهب وعزت أهله به.

وواحد قال بأن أخاه الصغير كان عمره سنتين فمرض فقال الأطباء خذوه ليموت في بيته ! وهو الآن حي ومضى من عمره ثلاثين سنة !

عوِّدوا ألسنتكم على الذكر

فتذكروا حديث النبي ﷺ : “لا حول ولا قوة إلا بالله تنفعُ لتسعينَ داء” واعملوا به، فبدلًا من كثرة الكلام بالتشكي والتذمر والقيل والقال اجعل الحوقلة لنفسك وردًا في ليلك ونهارك (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم) إما أن تذكر بهاتين الروايتين وإما أن تقول (لا حول ولا قوة إلا بالله) فعود لسانك عليها وأكثر منها،

كنز تحت العرش

وقد ورد في فضل الحوقلة بأنها كنز تحت العرش، فقد روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: “أَمَرَنِي خَلِيلِي ﷺ بِسَبْعٍ: أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَق وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ”

وَمَعْنَى الكَنْز هُنَا أَنَّهُ ثَوَابٌ مُدَّخَرٌ فِي الجَنَّةِ، وَهْوَ ثَوَابٌ نَفِيسٌ كَمَا أَنَّ الكَنْزَ أَنْفَس أَمْوَالِكُمْ.

من غراس الجنة

والحوقلة مِنْ غِرَاسِ الجَنَّةِ، فعَنْ أَبي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَقَالَ: “مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ. قَالَ: وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ” رَوَاهُ أَحْمَد. وفي رواية أخرى قال: “غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: “من كثُرت همومه وغمومه فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله” رواه الطبراني.

نصدق النبي ﷺ

ونحن نصدق بما قاله النبي ﷺ، نؤمن ونصدق وكأنه أمام أعيننا، ومعناه هذا ثواب عظيم بنفعك في الدينا والآخرة، وثواب وأجر وشفاء وأسرار وبركات وأنوار وخير عظيم فاشغل نفسك بها، التجار وغير التجار، أصحاب المحلات والدكاكين والعمال، رجالًا ونساء صغارًا وكبارًا، فلنكثر من ذكر الله ومن الحوقلة والاستغفار،

من صيغ الاستغفار

كأن تقول: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، وسيد الاستغفار من قال: “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَه إِلا أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ، وأَبُوءُ بذَنْبي، فَاغْفِرْ لي فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلا أَنْتَ.

منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ” رواه البخاري.

أو تقول: رب اغفر لي، وهذا لفظ سريع بنصف ساعة تكون قد ذكرت ألف مرة تقريبًا،

فضل الاستغفار

وقد ورد في الحديث: “من لزِمَ الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورقه من حيثُ لا يحتسب”

ورد أن تاجرًا تزوج امرأة إحدى عشرة سنة ولم يأته أولاد فتعالج وسافر لأجل العلاج والذهاب للأطبة وهو يأخذ أنواعًا من الأدوية ولم يرزق بأبناء، فرأى شيخًا صالحًا فذكر له الأمر،

فقال له الرجل الصالح، إلزم أنت وزوجتك الاستغفار. ومعنى لزوم الاستغفار أي الإكثار منه وحد الإكثار ثلاثمائة مرة صباحًا ومساء، فواظب هو وزوجته فورًا على الاستغفار فحملت زوجته في نفس الشهر، والآن عنده ثلاثة أولاد بعد إحدى عشرة سنة من غير أطباء ولا علاجات طبية ولا سفر ولا دفع مال،

معنى الحوقلة

فألزموا أنفسكم بذلك وفي ذلك أجر وفيه تيسير وتوسعة في الرزق فإن ما قاله الرسولُ حقٌّ وصدق، وأما معنى هذه الكلمة الطيبة المباركة (لا حول ولا قوة إلا بالله) أي أننا لا نستطيع أن نعمل الطاعات والعبادات إلا بعون الله تعالى، إلا إن وقفقنا الله وأعاننا على القيام بالطاعات والعبادات كالصلاة والصيام والذكر والحج والوضوء وغير ذلك من الطاعات،

فمعنى لا حول ولا قوة إلا بالله: لا قوة على طاعة الله إلا بعون الله، ولا حول عن معصيته إلا بعصمته. أي لا نستطيع أن نتجنب المعاصي إلا إن عصمنا الله أي إلا إن حفظنا الله من ذلك، فوالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا.

فنصيحتي لكم ولنفسي أن نكثر ن الحوقلة، وأقل ما تضاعف به الحسنة الواحدة إلى عشرِ أمثالها وقد تضاعق إلى سبعمائة ضعف وقد تضاعف إلى مائة ألف ضعف “وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)” سورة البقرة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.