زيد المصري - Zaid Al-Masri

الحجامة

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحس، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد الأمين، وعلى ءاله وصحابته الطيبين، ومن تبعهم وسار على منوالهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

 

ما هي الحجامة

فإن الحجَامَةُ رُكنٌ مِنْ أَركَانِ الشِّفَاءِ وهي سنة مؤكدة عن النبي ﷺ ، وقد روى الإمام أحمد والطبراني والحاكم أن رسول الله ﷺ قال: “خَيرُ مَا تَدَاوَيتُم بهِ الحِجَامَةُ” وفي لفظٍ لأبي نُعيم: “خَيرُ مَا تَدَاوَيتُم بهِ الحَجْمُ والفِصَادُ”

والحِجَامَةُ: مِنَ الحَجْم الذي هوَ البَدَاءُ أي الظُّهورُ لأنّ اللّحْمَ يَنْتَبِرُ أي يَرتَفِعُ. وأما الفَصْدُ: فهو شَقُّ العِرْقِ.

وقال عليه الصلاة والسلام: “إذا اشْتدَّ الحَرُّ فاسْتَعِيْنُوا بالحِجامةِ لا يَتبَيَّغِ الدّمُ بأَحَدِكُم فيَقتُلَهُ” رواه الحاكم. (وقولُه “فاستَعِينُوا بالحِجَامَةِ” أي على دَفْعِ أذَاه لِغَلَبَةِ الدّم حِيْنَئِذٍ. وقولُه: “لا يَتَبَيَّغ” أيْ لِئَلا يَهِيْجَ).

 

كيف احتجم النبي

وكان رسول الله ﷺ يَحتَجِمُ على هَامَتِه وبَينَ كَتِفَيْه ويقول: “مَنِ أَهْرَاقَ مِنْ هذه الدّمَاءِ فلا يَضُرُّه أنْ لا يَتداوَى بشَىءٍ لِشَىءٍ” رواه أبو داود وابن ماجه. (على هَامَتِه أي رأْسِهِ والمُرادُ بالرّأسِ هُنَا مَا عَدَا النُّقْرَة).

وكانَ رسولُ الله ﷺ يَحتَجِمُ في الأخْدَعَيْنِ والكَاهِلِ، (والأخدعانِ عِرْقانِ في مَحلِّ الحِجامَةِ مِنَ العُنقِ، وهما في جَانبي العُنُقِ قَد خَفِيا وبَطَنا. والكَاهِلُ هوَ مُقَدَّمُ أعْلَى الظَّهْرِ مما يَلِي العنُق وهو الثلُثُ الأعْلَى وفيه سِتّ فقَرَاتٍ، وقيلَ ما بَينَ الكَتِفَينِ، وقيلَ مَوْصِلُ العُنقِ ما بينَ الكَتِفَينِ).

ورُوِيَ أنّه ﷺ كانَ يَحْتَجِمُ في رَأسِه ويُسَمِّيْها: “أمَّ مُغِيْث” رواه الخطيب البغدادي.

 

متى تكون الحجامة

وكان ﷺ يحتَجِمُ لسَبْعَ عَشْرَةَ وتِسْعَ عشْرَةَ وإحْدَى وعِشرِيْنَ. رواه الترمذي والحاكم والطبراني.

وقال رسول الله ﷺ: “خَيرُ يَومٍ تَحتَجِمُونَ فِيهِ سَبْعَ عَشْرةَ وتِسْعَ عَشْرَةَ وإحْدَى وعِشرِينَ، ومَا مَررتُ بملإٍ مِنَ الملائِكَةِ لَيلَةَ أُسرِيَ بي إلا قَالُوا عَليكَ بالحِجَامَةِ يا محمّد” رواه أحمد والحاكم.

وفي رواية الترمذى وابن ماجه عن ابن عباس أنه ﷺ قال: “ما مررت ليلة أسرى بى بملإ من الملائكة إلا قالوا يا محمد مُر أُمَّتَك بالحجامة”

 

خير ما تداووا به

وعَن ابن عُمَر رضي الله عنهما عَن النبي ﷺ أنه قال: “ما مَررتُ بسَماءٍ مِن السّموات إلا قالت الملائكةُ: يا محمّدُ مُر أُمَّتَك بالحجامة فإنه خَير ما تَداوَوا به الحجامة والكُست والشونيز” رواه البزار. (والكُست: يعني القسط. والشونيز: الحبة السوداء وتسمى في أيامنا بحبة البركة،

وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ما ذكره الأطباء من منافع الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ الَّتِي هِيَ الشُّونِيزُ وأن لها منافع كثيرة يَصْدُقُهَا قَوْلُهُ ﷺ فِيهَا، “إِنَّ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامُ” أي الموت. رواه البخاري)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: “الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ” رواه البخاري. وهذا الحديث يتضمن جملة ما يَتداوى به الناس،

والحِجامة أنجحها شفاء عند هيجان الدم،

وأمّا العسل فهو مسهّل للأخلاط البلغمية،

وأما الكيّ بالنار فيستعمل للشفاء وإنّما كرّهه ﷺ لِما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم. أي لغير حاجة أمّا المحتاج إليه فلا كراهة إن استعمله. ولهذا كانت العرب تقول في أمثالها: (ءاخر الدواء الكيّ).

 

أنواع الأمراض

ولم يُرد الرسول الأعظم ﷺ في هذا الحديث حصر الشفاء في هذه الأمور الثلاثة المذكورة، فإنّ الشفاء قد يكون في غيرها، وإنّما نبّه ﷺ بها على أصول العلاج، وذلك لِأَنَّ الْأَمْرَاضَ الْامْتِلَائِيَّةَ، دَمَوِيَّةٌ، أَوْ صَفْرَاوِيَّةٌ، أَوْ سَوْدَاوِيَّةٌ، أَوْ بَلْغَمِيَّةٌ،

فَإِنْ كَانَتْ دَمَوِيَّةً فَشِفَاؤُهَا بإِخْرَاجُ الدَّمِ الفاسد عن طريق الحجامة والفَصْد،

وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَشِفَاؤُهَا بِالْإِسْهَالِ بِالْمُسَهِّلِ اللَّائِقِ لِكُلِّ خَلْطٍ مِنْهَا، فَكَأَنَّهُ نَبَّهَ ﷺ بِالْعَسَلِ عَلَى الْمُسَهِّلَاتِ،

وَذَكَرَ الْكَيَّ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ نَفْعِ الْأَدْوِيَةِ الْمَشْرُوبَةِ وَنَحْوِهَا، فَآخِرُ الطِّبِّ الْكَيُّ لقوله ﷺ: “مَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ” إِشَارَةٌ إِلَى تَأْخِيرِ الْعِلَاجِ بِالْكَيِّ حَتَّى يَضْطَرَّ إِلَيْهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ، وبين استعماله له أنه لا يترك مُطلقا بل يُستعمل عند تعيّنه طريقا للشفاء مع مصاحبة اعتقاد أنّ الشفاء يحصل بإذن الله تعالى ومشيئته، لأن الله تبارك وتعالى هو خالق الأسباب ومسبّباتها وهو خالق كل شىء.

 

تكره الحجامة

وقالَ الإمامُ أحمَدُ تُكْرَهُ الحِجَامَةُ السّبْت والأربعاء. فقد روى البيهقي في سننه أن رسول الله ﷺ قال: “مَنِ احتَجَمَ يَومَ الأربعاءِ أو يَوم السّبْتِ وأصَابَه بَرَصٌ فَلا يَلُوْمَنّ إلا نَفسَهُ”

وعن أبي عُمَرَ محمّد بنِ جَعفَر بنِ مَطَر النّيسَابُورِيّ قالَ: “قُلتُ يومًا إنّ هَذا الحديثَ ليسَ بصَحِيحٍ فافتصدت يَومَ الأربعاءِ فأصَابَني البَرصُ ! فرأَيتُ رسولَ الله ﷺ في النّومِ وشَكَوتُ إليهِ حَالي، فقالَ: إيّاكَ والاستهانةَ بحديثي. فقلتُ تُبْتُ يا رسولَ اللهِ. فانْتَبَهْتُ وقَدْ عَافَاني اللهُ وذَهَبَ ذلكَ عَنّي.

وأخرجَ ابنُ عَساكرَ في تاريخهِ عن الحسين بن الحسن الطّبريَ أنه قال: “أَردتُ الحِجامةَ يومَ السّبتِ فقلتُ للغُلام ادعُ الحَجّامَ فَلمّا وَلّى الغُلامُ ذَكَرتُ خَبرَ النّبيّ ﷺ: “مَنِ احْتَجَمَ يَومَ السّبْتِ ويَومَ الأربعاءِ فأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ” (الوَضَحُ بَرَصٌ) (رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في السنن الكبرى والحاكم في المستدرك وعبدالرزاق في مصنفه)

فدَعَوتُ الغُلامَ ثمّ تَفَكَّرتُ فقلتُ هذا الحديثُ في إسنادهِ بَعضُ الضَّعْفِ فقُلتُ للغُلامِ ادْعُ الحَجّامَ لي فدَعَاهُ فاحْتَجَمْتُ فأصابَني البرَصُ، فرَأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ في النّوم فشَكَوتُ إليهِ حَالي فقَالَ: إيّاكَ والاستهانةَ بالحديثِ. فنَذرتُ لله لئنْ أَذْهَبَ اللهُ ما بي مِنَ البَرصِ لَن أتهاوَنَ في خبَرِ النّبيّ صَحِيْحًا كانَ أو سَقِيْمًا فَأَذْهَبَ اللهُ عَنّي ذلكَ البَرصَ” اهـ.

 

احتجم ولا تحتجم

فمن أراد أن يحتجم فَلْيَحْتَجِم يومَ الخميس أو يومَ الأحَد أو الاثنينِ أو الثّلاثاءِ فإنّه يومٌ دَفَع اللهُ فِيه عن أيّوبَ البَلاءَ. ويتجنّبُ الحِجَامةَ يومَ الأربعاءِ والجمعة والسّبت.

والحجامةُ على الرّيقِ أَمْثَلُ، وهذا للحِجَامةِ والفَصْدِ.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر3:02 AM
    شروق الشمس4:42 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:23 PM
    العشاء7:53 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي