زيد المصري - Zaid Al-Masri

صلاة العيدين – الفطر والأضحى

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على أشرف الخلق وسيد المرسلين سيدنا محمد طه الأمين، وعلى ءاله وصحابته الغر الميامين، ومن تبعهم وسار على نهجهم ومنوالهم إلى يوم الفصل والدين.

أما بعد:

صلاة العيد

إن العيد مشتق من العود لتكرره كل عام، وقيل لعود السرور بعوده، وجمعه أعياد.

والأصل في صلاته قبل الإجماع مع الأخبار الآتية قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ أراد به صلاة الأضحى والذبح،

وأول عيد صلاه النبي ﷺ عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة ولم يتركها،

وهي ليست واجبة لقوله ﷺ للسائل عن الصلاة: “خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُّنَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ” فقَالَ لَهُ السائل: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ: “لا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ”

فهي سنة مؤكدة لمواظبته ﷺ عليها، وقيل فرض كفاية نظرًا إلى أنها من شعائر الإسلام ولأنها يتوالى فيها التكبير فأشبهت صلاة الجنازة، وأجمع المسلمون على أنها ليست فرض عين.

 

كيف تشرع

وتُشرعُ جماعةً لفعله ﷺ، وتُشرعُ أيضًا للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر والصغير، فلا تتوقف على شروط الجمعة من اعتبار الجماعة والعدد وغيرهما. ويسن الاجتماع لها في موضع واحد ويكره تعدده بلا حاجة.

 

وقت صلاة العيد

ووقتها ما بين طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح وزوالها يوم العيد، وأما كون ءاخر وقتها الزوال فمتفق عليه لأنه يدخل به وقت صلاة أخرى،

 

كيف تؤدى

وهي ركعتان بالإجماع وحكمها في الأركان والشرائط والسنن كسائر الصلوات وهذا أقلها، وأكملها أن يأتي بعد تكبيرة الإحرام بدعاء الافتتاح كسائر الصلوات ثم سبع تكبيرات لما رواه الترمذي وحسنه أنه ﷺ كبر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة وفي الثانية خمسًا قبل القراءة.

وتكبيرة الإحرام ليست من السبعة، وتكبيرة القيام ليست من الخمسة، ثم بعد التكبيرة الأخيرة يتعوذ لأنه لاستفتاح القراءة، ويقرأ الفاتحة كغيرها من الصلوات،

ويكبر في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام خمسًا بالصفة السابقة قبل التعوذ والقراءة، ويجهر ويرفع يديه ندبًا في الجميع أي السبع والخمس كغيرها من تكبيرات الصلاة.

ويسن أن يضع يمناه على يسراه تحت صدره بين كل تكبيرتين كما في تكبيرة الإحرام، ولو شك في عدد التكبيرات أخذ بالأقل كما في عدد الركعات،

ولو صلى خلف من يكبر ستًا أو ثلاثًا مثلا تابعه ولم يزد عليها ندبًا فيهما، سواء اعتقد إمامه ذلك أم لا لخبر: إنما جعل الإمام ليؤتم به، حتى لو ترك إمامه التكبيرات لم يأت بها.

ولَسْنَ (أي التكبيرات المذكورات) فرضًا ولا بعضًا بل من الهيئات كالتعوذ ودعاء الافتتاح فلا يسجد لتركهن عمدًا ولا سهوًا، وإن كان الترك لكلهن أو بعضهن مكروهًا، ولو نسيها فتذكرها قبل الركوع وشرع في القراءة ولو لم يتم الفاتحة فاتت في المذهب الجديد للشافعي،

فلو عاد لم تبطل صلاته بخلاف ما لو تذكرها في الركوع أو بعده وعاد إلى القيام ليكبر فإن صلاته تبطل. (وفي المذهب القديم يكبر ما لم يركع لبقاء محله وهو القيام، وعلى هذا لو تذكره في أثناء الفاتحة قطعها وكَبَّرَ ثم استأنف القراءة أو بعد فراغها كَبَّرَ وندب إعادة الفاتحة)

ويقرأ بعد الفاتحة جهرًا في الركعة الأولى (ق) وفي الثانية سورة القمر (اقتربت الساعة وانشق القمر) بكمالهما كما ثبت في صحيح مسلم وإن لم يرض المأمومون بالتطويل، ولو قرأ في الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (هل أتاك حديث الغاشية) كانت سنة أيضًا كما في الروضة لثبوته أيضًا في صحيح مسلم، قال الأذرعي لكن الذي نص عليه الشافعي والأصحاب الأَول.

ويسن بعدهما خطبتان للجماعة تأسيًا به ﷺ وبخلفائه الراشدين، ولا فرق في الجماعة بين المسافرين وغيرهم، ولو قدم الخطبة على الصلاة لم يعتد بها.

وأركانهما وسننهما كما في الجمعة أي كأركانهما وسننهما، ويُعَلِّمهم ندبًا في كل عيد أحكامه ففي عيد الفطر يعلمهم أحكام الفِطرة، وفي عيد الأضحى يعلمهم أحكام الأضحية،

ويفتتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات ولاء إفرادًا والخطبة الثانية بسبع ولاء إفرادًا تشبيهًا للخطبتين بصلاة العيد،

فإن الركعة الأولى في صلاة العيد تشتمل على تسع تكبيرات، فيها سبع تكبيرات وتكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، والركعة الثانية على سبع تكبيرات، فإن فيها خمس تكبيرات وتكبيرة القيام وتكبيرة الركوع، والولاء سنة في التكبيرات وكذا الإفراد.

 

ماذا يندب لصلاة العيد

ويندب الغُسلُ لعيد فطر أو أضحى قياسًا على الجمعة، ولا فرق بين من يحضر الصلاة وبين غيره لأنه يوم زينة فَسُنَّ الغُسلُ له، ويدخل وقته بنصف الليل وإن كان المستحب فعله بعد الفجر، وقيل يجوز في جميع الليل، وفي قول يدخل وقته بالفجر كالجمعة.

ويندب الطيب أي التطيب بأحسن ما يجد عنده من الطيب. ويندب التزين بأحسن ثيابه وبإزالة الظفر والريح الكريهة كالجمعة لكن الجمعة السنة فيها لبس البياض،

أما مريد الأضحية لا يزيل شعره ولا ظفره حتى يضحي.

 

ويذهب ندبًا مصلي العيد لصلاتها إمامًا كان أو غيره في طريق ويرجع منها في طريق أخرى للاتباع رواه البخاري. ويخص الذهاب بأطولهما، وذُكِرَ في حكمة ذلك وجوه أوجهها أنه كان يذهب في أطولهما تكثيرًا للأجر ويرجع في أقصرهما وقيل يخالف بينهما لتشهد له الطريقان وقيل غير ذلك.

 

ويبكر الناس للحضور للعيد ندبًا بعد صلاتهم الصبح كما نص عليه الشافعي ليحصل لهم القرب من الإمام وفضيلة انتظار الصلاة. ويحضر الإمام متأخرًا عنهم وقت صلاته للاتباع رواه الشيخان ولأن انتظارهم إياه أليق.

ويأكل في عيد الفطر قبل الصلاة، والأفضل كون المأكول تمرًا وترًا فإن لم يأكل ما ذكر في بيته ففي الطريق أو المصلى إن تيسر.  ويمسك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يصلي للاتباع وليتميز عيد الفطر عما قبله الذي كان الأكل فيه حرامًا، بخلافه قبل صلاة عيد الأضحى، والشرب كالأكل، ويكره له ترك ذلك كما نقله في المجموع عن نص الأم.

 

إحياء ليلة العيد

ويسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من صلاة وغيرها من العبادات لخبر: “مَنْ أَحْيَا لَيْلَتَيْ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ” رواه الدارقطني موقوفًا، قال في المجموع وأسانيده ضعيفة ومع ذلك استحبوا الإحياء لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال، وقيل والمراد بموت القلوب شغفها بحب الدنيا وقيل غير ذلك.

والدعاء في ليلة العيد مستجاب كما قال الإمام الشافعي في كتابه الأم: ” وبَلغنا أنه كان يقال: إن الدعاءَ يُستجابُ في خمسِ ليالٍ: في ليلةِ الجمعةِ، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأولِ ليلة من رجب، وليلةِ النصف من شعبان”.

 

صلاة العيد لا تسقط صلاة الجمعة

كثر السؤال عن إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة فصلينا العيد هل تسقط الجمعة ؟

والجواب: إذا وافق يومُ العيد يومَ جمعة لا تسقط صلاة الجمعة بصلاة العيد، لأن صلاة العيد سنة مؤكدة، بينما صلاة الجمعة فريضة محتمة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها،

وذلك لقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ الجمعة/9.

وأما ما رواه البخاري في صحيحه عن عثمان رضي الله عنه أنه قال في خطبته: “أيها الناس قد اجتمع عيدان في يومكم فمن أراد من أهل العالية أن يصلي معنا الجمعة فليصل ومن أراد أن ينصرف فلينصرف” ولم ينكر عليه أحد. والعالية قرية بالمدينة من جهة الشرق.

قال الشافعي والأصحاب: إذا اتفق يوم جمعة يوم عيد وحضر أهل القرى الذين تلزمهم الجمعة لبلوغ نداء البلد فصلوا العيد لم تسقط الجمعة بلا خلاف عن أهل البلد، وفي أهل القرى وجهان.

وفي كتاب المغني للحنابلة: “وإن اتفق عيد في يوم جمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد إلا الإمام”

وفي كتاب الانصاف للحنابلة: قوله: “وَإِذَا وَقَعَ العِيدُ يَوْم الجمعَةِ فَاجْتَزأَ بِالعِيد وَصَلّى ظُهْرًا جَازَ”

وقالوا: “وأما من لم يصل العيد فيلزمه السعي إلى الجمعة بكل حال”

وفي كتاب كشاف القناع للحنابلة: “وإذا وقع عيد يوم الجمعة فصلوا العيد والظهر جاز ذلك”.

ولذلك كله فالاحتياط في الدين يقضي بالمحافظة على الصلاتين في ذلك اليوم، وهو ما ذهب إليه جماهير فقهاء المسلمين من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة،

 وذهب الحنابلة في الرواية الأخرى: أنَّ مَن صلى العيد لا يطالب بصلاة الجمعة مطلقا، وإنما يصلي الظهر.

وأما القول بسقوط صلاة الظهر فهذا لم يقل به أي مذهب من مذاهب أهل السنة، وهو مخالف للنصوص الموجبة للصلوات الخمس في اليوم والليلة، فلا يجوز العمل به ولا تقليده ولا الإفتاء به، والله تعالى أعلم وأحكم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر3:02 AM
    شروق الشمس4:42 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:23 PM
    العشاء7:53 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي