زيد المصري - Zaid Al-Masri

العزة بالإسلام

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَحْكَمَ بِحِكْمَتِهِ مَا فَطَرَ وَبَنَى، وَأَمَرَنَا بطاعتِه لا لِحَاجَةٍ بَلْ لَنَا، يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِمَنْ أَسَا وَجَنَا، وَيُجْزِلُ الْعَطَايَا لِمَنْ كَانَ مُحْسِنًا، بَيَّنَ لِقَاصِدِيهِ سَبِيلا وَسُنَنًا، وَوَهَبَ لِعَابِدِيهِ جَزِيلا يُقْتَنَى، وَأَثَابَ حَامِدِيهِ أَلَذَّ مَا يُجْتَنَى “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا” أَحْمَدُهُ تعالى مُسِرًّا لِلْحَمْدِ وَمُعْلِنًا، وَأُصَلِّي وأُسلِم عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الذي أسس قواعد الدين وبنى، وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الْمُتَخَلِّلِ بِالْعَبَا رَاضِيًا بِالْعَنَا، وَهُوَ الَّذِي أُريدَ بِقَوْلِهِ الله “ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا” وَعَلَى عُمَرَ الْمُجِدِّ فِي عِمَارَةِ الإِسْلامِ فَمَا وَنَى، وَعَلَى عُثْمَانَ الصابر فنال الجنة ثمنا، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي إِذَا مدحناه فَالْفَخْرُ لَنَا.

قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)﴾ سورة المنافقون.

وقد أرسل الله نبيه المصطفى ﷺ بالهدى ودين الحق يتلو ءايات الله، ويحذر من الحرام والخبث والفواحش، ويرغب بالخير والبر والتقوى، ويدعو إلى العمل الصالح والخلق الحسن.

فقال جل جلاله: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ سورة الفتح.

وقال الله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ سورة ءال عمران.

هذا رسولنا ﷺ جاء بالهدى ودين الحق، أسس رسالته على الفضيلة والأخلاق الكريمة،

فقال ﷺ: “إنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ” رواه الإمام البخاري.

وقد أعز الله هذه الأمة لما تمسَّكت بدينها.

والمؤمن عزيز، أعزَّه الله، والله يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾

وقال سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “نَحْنُ قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلامِ فَمَهْمَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ”

وذلك لما رأى أعداء الإسلام أن سر تقدُّم المسلمين وسر قوتهم، وسر عزتهم التمسك بالإسلام، عملوا على أن يباعدوا بين الأمة ودينها،

وصدق رسول الله ﷺ حيثُ قال: ” كيف أَنْتَ يا ثَوْبَانُ إِذَا تَدَاعَتْ عَلَيْكُمْ الأُمَمُ كَتَدَاعِيْكُمْ عَلى قَصْعَةِ الطَّعَامِ تُصِيْبُونَ مِنْهُ؟” فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: “بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن”

فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: “حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت” رواه أحمد وأبو داود.

وفي رواية قال: “يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا”

ومعنى: “يوشك الأمم” أي يَقْرُب فِرَق الكفر وأمم الضَّلالة

“أن تداعى عليكم” أي: تتداعى، بأن يدعو بعضهم بعضًا لمقاتلتكم، وكسر شوكتكم، وسلب ما ملكتموه مِن الدِّيار والأموال.

“كما تداعى الأكلة” أي كما أنَّ الفئة الآكلة يتداعى بعضهم بعضًا إلى قصعتهم التي يتناولونها مِن غير مانع، فيأكلونها صفوًا مِن غير تعب.

فقال قائل: ومِن قلَّة نحن يومئذ؟! أي أنَّ ذلك التَّداعي لأجل قلَّة نحن عليها يومئذ.

قال: “بل أنتم يومئذٍ كثير” أي من حيث العدد.

“ولكنَّكم غُثَاء كغُثَاء السَّيل” وهو ما يحمله السَّيل مِن زَبَد ووَسَخ؛ شبَّههم به لقلَّة شجاعتهم ودناءة قدرهم.

“ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم” أي ليخرجنَّ المهابة أي الخوف والرُّعب من قلوب عدوكم منكم

” وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن” أي الضَّعف، ولذلك فسَّره بحبِّ الدُّنيا وكراهة الموت، وهما متلازمان، فكأنَّهما شىء واحد، ونسأل الله العافية.

وهذا حال الأمة، غثاء كغثاء السيل، وما أروعَ حكمةَ رسول الله ﷺ وما أبلغ تشبيهه! فقد أوتى ﷺ جوامع الكَلِم.  فغثاء السيل هو ذلك الزبد الأبيض الطافي فوق الماء، مهين لا قيمة له، وأين اليوم وزن هذه الأمة؟!

متناثر لا ارتباط له، وأين وحدة الأمة؟ يطفو على السطح لا عمق له، وأين مبادئ الأمة؟

فالأمة لما بعدت عن دينها وتركت قيمها وقلدتْ عدوَّها، وسارت خلفه دون وعي،

وقد نبأها رسول الله ﷺ بحالها حيث قال: “لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم” رواه البخاري ومسلم.

وأهل الأرض يشاهدون المذابح في بلاد المسلمين، الدماء تجري غزيرةً، كأنها ليست دماء، وكأنها تجري من أجسام ليست بشرية، البيوت تُقصف وتهدم، الأرواح تُزهق، الأعراض تنتهك، الأموال مسلوبة، المسلمون في العراء، لماذا كل هذا؟

لأنهم فقدوا العزة، والعزةُ في الإسلام، والإسلام دين الله، فإذا طلب المسلمون العزة، فإن طريقها بيَّنه الله في قوله تبارك وتعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ سورة فاطر.

العزة في طاعة الله، العزة في العمل بما شرع الله، العزة في اجتناب ما حرَّم الله، العزة في العمل بسنة رسول الله ﷺ، العزة في كتاب الله،

وفي كتاب الله يقول الله جل جلاله: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ سورة ءال عمران.

فإن رسَّختم الإيمان في قلوبكم، وطبَّقتم شرع الله في حياتكم، تكونوا أنتم أهل العزة، وأنتم القدوة، وأنتم الأسوة، وأنتم القوة

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ سورة ءال عمران.

 

وقال سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزَّة بغيره أذلَّنا الله”

 

سيّدُنا العَبّاس عم النّبي ﷺ قَبلَ أن يُسلِم في معركة بَدر أسَرَه واحِدٌ مِن المسلِمينَ ضَعيفُ الجسم جِدّا، وكان العَبّاس ضَخمَ الجثّة! فقيلَ للعَبّاس كيف استَأسَرتَ له وهوَ ضَعيف؟! فقال: أنا رأَيتُه كالجبَل.

اللهم ارزقنا الفقه في الدين، والتمسك بالكتاب المبين، والاقتداء بسيد المرسلين، والسير على نهج أسلافنا الصالحين، واكتب لنا العزة في الحياة الدنيا وفي يوم الدين.

وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:52 AM
    شروق الشمس4:36 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:30 PM
    العشاء8:02 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي