زيد المصري - Zaid Al-Masri

الخضر عليه السلام

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاء مُزَيَّنَةً بِزِينَةِ النُّجُومِ، وَثبَّتَ الأَرْض بِجِبَالٍ فِي أَقَاصِي التُّخُومِ، عَلِمَ الأَشْيَاء كلها وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَعْلُومُ، وقدَّر الْمَحْبُوب وَالْمَكْرُوه وَالْمَحْمُود وَالْمَذْمُوم، واطَّلَعَ عَلَى بَوَاطِنِ الأَسْرَارِ وخَفَايَا الْمَكْتُومِ، جَلَّ أَنْ تُحِيطَ بِهِ الأَفْكَارُ أَوْ أن تَتَخَيَّلَهُ الْوُهُومُ، وَقَضَى ما يكون فَقَضَاؤُهُ مَحْتُومٌ، وَبِتَقْدِيرِهِ مَعْصِيَةُ الْعَاصِي وَعِصْمَةُ الْمَعْصُومِ ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ والصلاة والسلامُ على رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلاةً تَبْلُغُهُ عَلَى الْمَرُومِ، وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَلَى السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، وَعَلَى عُمَرَ الْمُنْتَصِفِ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ، وَعَلَى عُثْمَانَ الْمُتَهَجِّدِ إِذَا رَقَدَ النَّئُومُ، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي حَازَ الشَّرَفَ وَالْعُلُومَ.

أما بعد:

التعريف بالخضر

فإن الخضر عليه السلام هو بَلْياءُ بنُ مَلْكَانَ بنِ فالَعَ بنِ عابَرَ بنِ شالَخَ بنِ قَيْنَانَ بنِ أَرْفَخْشَذَ بنِ سامَ بنِ نوحٍ عليه السلام.

فعلى هذا مولده قبل مولدِ سيدنا إبراهيمَ الخليل عليه السلام لأن الخضر يكون ابنَ عمِ جدِّ إبراهيم عليه السلام،

وإنما سمي الخضرَ عليه السلام لأنه جلس على بقعةٍ من الأرضِ بيضاءَ لا نباتَ فيها فإذا هي تهتزُّ وتنقلبُ تحتَه خضراء نضرةً، وكان يكنى بأبي العباسِ.

وهو نبي من أنبياء الله تعالى على القول الراجح،

 

قصة الخضر مع موسى عليهما السلام

وقد ذكره الله تعالى في سورة الكهف في قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام،

فقد قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)

فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ ءاتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62)

قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ  وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)

قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ  فَارْتَدَّا عَلَىٰ ءاثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا ءاتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65)

قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)

قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَىءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)

فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا  قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)

قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74)

  قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَىءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي  قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا (76)

فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ  قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)

قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ  سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)

وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ  وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي  ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)﴾

 

فراق موسى والخضر

لما أَكْمَلَ مُوسَى وَالْخَضِرُ عَلَيْهِمَا السَّلامُ طَرِيقَهُمَا وَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا قَرْيَةً وَكَانَ أَهْلُهَا بُخَلاءَ لِئَامًا، فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ وَطَلَبَا طَعَامًا فَلَمْ يُقَدِّمْ أَهْلُ الْقَرْيَةِ لَهُمَا شَيْئًا، وَرَدُّوهُمَا رَدًّا غَيْرَ جَمِيلٍ،

فَخَرَجَا جَائِعَيْنِ وَقَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَا الْقَرْيَةَ وَجَدَا جِدَارًا يَتَدَاعَى لِلسُّقُوطِ وَيَكَادُ يَنْهَارُ، فَرَفَعَهُ الْخَضِرُ بِمُعْجِزَةٍ لَهُ بِيَدِهِ وَمَسَحَهُ فَاسْتَقَامَ وَاقِفًا.

وَكَانَ سَمْكُ هَذَا الْجِدَارِ ثَلاثِينَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَطُولُهُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ خَمْسِينَ ذِرَاعًا.

فَاسْتَغْرَبَ سيدنا مُوسَى عليه السلام وَقَالَ: “عَجَبًا، أَتُجَازِي هَؤُلاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَسَاءُوا اللِّقَاءَ بِهَذَا الإِحْسَانِ، لَوْ شِئْتَ لأَخَذْتَ عَلَى فِعْلِكَ هَذَا أَجْرًا مِنْهُمْ نَسُدُّ بِهِ حَاجَاتِنَا”

فَقَالَ الْخَضِرُ وَقَدْ تَيَقَّنَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لَنْ يَسْتَطِيعَ بَعْدَ الآنَ صَبْرًا: “هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ”

فقَالَ سيدنا موسى: “لا أُفَارِقُكَ حَتَّى تُخْبِرَنِي بِمَ أَبَاحَ لَكَ فِعْلَ مَا فَعَلْتَ” فَلَمَّا الْتَمَسَ مُوسَى ذَلِكَ مِنْهُ أَخَذَ فِي الْبَيَانِ وَالتَّفْصِيلِ

وَقَالَ: “سَأُبَيِّنُ لَكَ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا،

 

خرق السفينة لمساكين

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَيُصِيبُونَ مِنْهَا رِزْقًا يُعِينُهُمْ عَلَى الْكَسْبِ، وَعَدَدُهُمْ عَشَرَةُ إِخْوَةٍ وَرِثُوهَا عَنْ أَبِيهِمْ، بِكُلِّ وَاحِدٍ عِلَّةٌ لَيْسَتْ فِي الآخَرِ، خَمْسَةٌ مِنْهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الْعَمَلَ وَخَمْسَةٌ يَعْمَلُونَ،

فَأَمَّا الْعُمَّالُ مِنْهُمْ فَأَحَدُهُمْ كَانَ مَجْذُومًا (وَالْجُذَامُ مَرَضٌ جِلْدِيٌّ خَطِيرٌ) وَالثَّانِي أَعْوَرَ، وَالثَّالِثُ أَعْرَجَ، وَالرَّابِعُ ءَادَرَ (أَيْ مُصَابًا بِفَتْقٍ شَدِيدٍ) وَالْخَامِسُ مَحْمُومًا لا تَنْقَطِعُ عَنْهُ الْحُمَّى الدَّهْرَ كُلَّهُ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ،

وَالْخَمْسَةُ الَّذِينَ لا يُطِيقُونَ الْعَمَلَ: أَعْمَى وَأَصَمُّ لا يَسْمَعُ، وَأَخْرَسُ وَمُقْعَدٌ وَمَجْنُونٌ. وَكَانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ فَاجِرٌ اسْمُهُ (هُدَدُ بنُ بُدَدَ) يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ تَمُرُّ فِي بَحْرِهِ غَصْبًا وَيَتْرُكُ الَّتِي فِيهَا خَلَلٌ وَأَعْطَالٌ”،

ثُمَّ أَكْمَلَ الْخَضِرُ كَلامَهُ قَائِلًا: “وَلَمْ يَكُنِ الإِخْوَةُ عَلَى عِلْمٍ بِمَا يُرِيدُ الْمَلِكُ فِعْلَهُ، فَأَظْهَرْتُ فِي السَّفِينَةِ عَيْبًا حَتَّى إِذَا جَاءَ خُدَّامُ الْمَلِكِ تَرَكُوهَا لِلْعَيْبِ الَّذِي فِيهَا، وَهَذَا الَّذِي صَارَ إِذْ لَمْ يَأْخُذْهَا الْمَلِكُ، ثُمَّ أَصْلَحْتُهَا لَهُمْ كَمَا رَأَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَانْتَفَعُوا بِهَا وَبَقِيَتْ لَهُمْ.

 

قتل الغلام

وَأَمَّا الْغُلامُ الْمَقْتُولُ فَاسْمُهُ (حَيْسُون) وَكَانَ كَافِرًا )وهذا على معنى الإخبار عما سيكون)

وَأَبَوَاهُ مُؤْمِنَينِ وَكَانَا يَعْطِفَانِ عَلَيْهِ فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى كُفْرِهِ،

فَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقْتُلَهُ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَئُولُ أَمْرُهُ إِلَيْهِ، إِذْ لَوْ عَاشَ لأَتْعَبَ وَالِدَيْهِ بِكُفْرِهِ، وَلِلَّهِ أَنْ يَحْكُمَ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَيَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَمَا يَشَاءُ لا يَظْلِمُ أَحَدًا”.

وَكَانَتْ أُمُّ الْغُلامِ يَوْمَ قُتِلَ حُبْلَى فَوَلَدَتْ بِنْتًا كَانَتْ أَرْحَمَ مِنَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ، وَقِيلَ إِنَّهُ لَمَّا كَبرَتْ هَذِهِ الْبِنْتُ أَدْرَكَتْ سَيِّدَنَا (يُونُسَ بنَ مَتَّى) فَآمَنَتْ بِهِ وَتَزَوَّجَهَا فَأَنْجَبَتْ عِدَّةَ أَنْبِيَاءَ فَهَدَى اللَّهُ بِهِمْ أُمَمًا كَثِيرَةً،

وَكَانَتِ الْعِبْرَةُ فِي قِصَّةِ هَذَا الْغُلامِ أَنَّهُ فَرِحَ بِهِ أَبَوَاهُ حِينَ وُلِدَ، وَحَزِنَا عَلَيْهِ حِينَ قُتِلَ، وَلَوْ بَقِيَ كَانَ فِيهِ هَلاكُهُمَا، فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

أقام الجدار ليتيمين

 وَأَمَّا الأَمْرُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ حُكِيَ أَنَّ أَحَدَهُمَا اسْمُهُ (أَصْرَمُ) وَالآخَرَ (صَرِيْم) وَاسْمُ أَبِيهِمَا (كَاشَح) وَأُمِّهِمَا (دَهْنَا)

وَكَانَ تَحْتَ الْجِدَارِ كَنْزٌ لَهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ لَوْحٍ ذَهَبِيٍّ وَمَالٍ كَثِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، تَرَكَهُ لَهُمَا وَالِدُهُمَا الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ يُؤَدِّي الأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعَ إِلَى أَهْلِهَا،

وَقَدْ حُفِظَا بِصَلاحِ أَبِيهِمَا. وَفِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ: “إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ الرَّجُلَ الصَّالِحَ فِي ذُرِّيَّتِهِ”.

وَلَمَّا كَانَ الْجِدَارُ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ وَلَوْ سَقَطَ لَضَاعَ ذَلِكَ الْكَنْزُ، أَرَادَ اللَّهُ إِبْقَاءَهُ عَلَى الْيَتِيمَيْنِ رِعَايَةً لِحَقِّهِمَا وَحَقِّ صَلاحِ وَالِدِهِمَا

فَأَمَرَ اللَّهُ الْخَضِرَ بِإِقَامَةِ ذَلِكَ الْجِدَارِ لِيَحْفَظَ الْكَنْزَ الَّذِي سَيَكُونُ مِنْ نَصِيبِ الْيَتِيمَيْنِ عِنْدَمَا يَكْبرَانِ،

وَكَانَ الْيَتِيمَانِ جَاهِلَيْنِ بِأَنَّ لَهُمَا كَنْزًا إِلا أَنَّ الْوَصِيَّ عَلَيْهِمَا كَانَ عَالِمًا بِهِ. ثُمَّ أَنَّ الْوَصِيَّ غَابَ، وَأَشْرَفَ ذَلِكَ الْجِدَارُ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى السُّقُوطِ.

 

ثُمَّ قَالَ الْخَضِرُ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لِمُوسَى الْقَضَايَا الثَّلاثَ: “وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي” أَيْ مَا فَعَلْتُهُ بِاجْتِهَادٍ مِنِّي وَرَأْيٍ، إِنَّمَا فَعَلْتُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَبِيٌّ أُوحِيَ إِلَيْهِ. وقد قال العلماء إن إلهام الولي مهما كان قويا فلا يصل إلى أن يقتل غلاما فالخضر نبي من أنبياء الله تعالى.

 

أين الخضر الآن

وَرُوِيَ أَنَّ الْخَضِرَ الآنَ عَلَى مِنْبَرٍ فِي الْبَحْرِ، وَقَدْ أُمِرَتْ دَوَّابُ الْبَحْرِ أَنْ تَسْمَعَ لَهُ وَتُطِيعَ.

 

دعاء الخضر وإلياس

وذُكِرَ أَنَّ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ لا يَزَالانِ حَيَّيْنِ فِي الأَرْضِ مَا دَامَ الْقُرْءَانُ فِي الأَرْضِ، فَإِذَا رُفِعَ مَاتَا، وَذُكِرَ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ

وَأَنَّهُمَا يَقُولانِ عِنْدَ افْتِرَاقِهِمَا: “بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلا اللَّهُ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلا اللَّهُ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ”.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: “مَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يَمْسِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ءَامَنَهُ اللَّهُ مِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ وَالسَّرَقِ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ”.

 

بعض من التقى بالخضر

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: “وَهُوَ حَيٌّ مَوْجُودٌ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا وَلَكِنَّهُ مَحْجُوبٌ عَنِ الأَبْصَارِ، وَذَلِكَ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلاحِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَحِكَايَاتُهُمْ فِي رُؤْيَتِهِ وَالاِجْتِمَاعِ بِهِ، وَالأَخْذِ عَنْهُ وَسُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ وَوُجُودِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الشَّرِيفَةِ وَمَوَاطِنِ الْخَيْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ “.

ومِن هذه الأخبار ما روي مِن أن بعضا من أمة سيدنا محمد ﷺ قد اِلْتَقَى بالخضر عليه السلام:

فقد رُويَ عن سيدنا عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: لما تُوفي النبيُّ ﷺ وسُجِّيَ بثوبٍ،

هتفَ هاتفٌ من ناحيةِ البيتِ يسمعونَ صوتَهُ ولا يَرَونَ شخصَهُ يقول: “السلامُ عليكُم أهلَ البيتِ ورحمة الله وبركاته ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ إن في اللهِ خَلَفًا مِن كل هالكٍ، وعِوَضًا من كل فائت، وعزاءً من كل مصيبةٍ، فبالله ثِقُوا، وإياهُ فارجُوا، فإن الـمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثوابَ”

فكان الصحابةُ يرونَ أنهُ الخضرُ عليه السلام.

ورُوِيَ عن عليٍّ رضي الله عنه أيضًا أنه لقي الخضرَ وعَلَّمَهُ هذا الدعاء وذكرَ أن فيه ثوابًا عظيمًا ومغفرةً ورحمةً لمن قالهُ في إثرِ كل صلاةٍ وهو: “يَا من لَا يَشْغلُهُ سَمْعٌ عَن سَمْعٍ، وَيَا مَن لا تُغَلِّطُهُ الـمَسَائِلُ، ويا من لا يتبرَّمُ من إلحاحِ الـمُلِحِّينَ، أَذِقْني بَردَ عفوِكَ، وحلاوةَ مغفرتِكَ”

ويُروى هذا كذلكَ عن سيدِنا عمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنهُ.

ورُوِيَ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَانَا يَتَبَايَعَانِ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَكْثَرَا الْحَلِفَ بِاللَّهِ، فَجَاءَهُمَا رَجُلٌ وَنَهَاهُمَا عَنْ كَثْرَةِ الْحَلِفِ وَوَعَظَهُمَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً. فَأَشَارَ ابْنُ عُمَرَ لأِحَدِهِمَا أَنْ يَكْتُبَ هَذِهِ الْمَوْعِظَةَ عَنْهُ فَكَتَبَهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَلُحِقَ فَلَمْ يُرَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلامُ.

وَمِمَّنْ رَأَى الْخَضِرَ مِنْ أَكَابِرِ الأَوْلِيَاءِ سَيِّدُنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي شُوهِدَ وَهُوَ خَارِجٌ وَشَيْخٌ مُتَوَكِّئٌ عَلَى يَدِهِ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى مَنْزِلِهِ قَالَ لَهُ خَادِمُهُ رَبَاحُ بنُ عُبَيْدَةَ: “مَنِ الشَّيْخُ الَّذِي كَانَ مُتَوَكِّأً عَلَى يَدَيْكَ؟” قَالَ: “أَرَأَيْتَهُ؟” فَأَجَابَهُ: “نَعَمْ”، فَقَالَ: “ذَاكَ أَخِي الْخَضِرُ أَعْلَمَنِي أَنِي سَأَحْكُمُ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَنِّي سَأَعْدِلُ فِيهَا.”

وَرُوي فِي سَبَبِ تَوْبَةِ الإِمَامِ الزَّاهِدِ إِبْرَاهِيمَ بنِ أَدْهَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: “كُنْتُ شَابًّا قَدْ حُبِّبَ إِلَيَّ الصَّيْدُ، فَخَرَجْتُ يَوْمًا أَتَتَبَّعُ صَيْدًا، وَبَيْنَمَا أَنَا أُطَارِدُهُ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا يَقُولُ: “يَا إِبْرَاهِيمُ أَلِهَذَا خُلِقْتَ، أَبِهَذَا أُمِرْتَ؟”

فَفَزِعْتُ وَوَقَفْتُ ثُمَّ تَعَوَّذْتُ بِاللَّهِ، وَرَكَضَتِ الدَّابَّةُ فَتَكَرَّرَ الأَمْرُ مِرَارًا ثُمَّ هَتَفَ بِي هَاتِفٌ مِنْ تَحْتِ السِّرْجِ يَقُولُ: “وَاللَّهِ مَا لِهَذَا خُلِقْتَ وَلا بِهَذَا أُمِرْتَ”،

فَنَزَلْتُ فَصَادَفْتُ رَاعِيًا لأِبِي يَرْعَى الْغَنَمَ، فَأَخَذْتُ جُبَّتَهُ وَكَانَتْ مِنْ صُوفٍ فَلَبِسْتُهَا وَأَعْطَيْتُهُ الْفَرَسَ وَمَا كَانَ مَعِي، وَتَوَجَّهْتُ إِلَى مَكَّةَ،

فَبَيْنَمَا أَنَا فِي الْبَادِيَةِ إِذْ أَنَا بِرَجُلٍ يَسِيرُ لَيْسَ مَعَهُ إِنَاءٌ وَلا زَادٌ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسَاءُ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِكَلامٍ لَمْ أَسْمَعْهُ، فَإِذَا أَنَا بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ لَذِيذٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ مُنْعِشٌ، فَأَكَلْتُ مَعَهُ وَشَرِبْتُ،

وَكُنْتُ عَلَى هَذَا أَيَّامًا، وَعَلَّمَنِي اسْمَ اللَّهِ الأَعْظَمَ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، ثُمَّ غَابَ عَنِّي وَبَقِيتُ وَحْدِي، فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ مُسْتَوْحِشٌ مِنَ الْوَحْدَةِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَإِذَا شَخْصٌ ءَاخِذٌ بِثِيَابِي بِلُطْفٍ فَقَالَ لِي: “سَلْ تُعْطَهُ” فَرَاعَنِي قَوْلُهُ، فَقَالَ لِي: “لا رَوَّعَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَنَا أَخُوكَ الْخَضِرُ فَآنَسَنِي وَأَذْهَبَ عَنِّي هَمِّي”.

 

سبب طول عمره

القول الأول

وأما بالنسبة لسبب طول عمره فقيل إن أول الأنبياء والبشر ءادمَ عليه السلام لما حضرتهُ الوفاةُ جمعَ بنيهِ فقال لهم: يا بَنِيَّ، إن اللهَ سيُنزِلُ على أهل الأرضِ عذابًا، وأخبرهُم أن طُوفانًا سيعم الأرض وأن الله سيجعل النجاة للمؤمنين الذين مع نبي الله نوح،

وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسدَهُ مَعهم في السفينةِ وأن يدفنُوهُ في غارٍ عَيَّنَهُ لهم قربَ بلادِ الشام، فتناقَلَ الأبناءُ عن الآباءِ هذه الوصيةَ حتى بَعَثَ اللهُ نوحًا عليه السلام،

وقبلَ أن يحدُثَ الطُّوفانُ حملَ سيدنا نوح جسدَ ءادمَ عليهما السلام معه في السفينةِ، وغرِقَتِ الأرضُ زمانًا، فجاء نوحٌ حتى نزلَ بأرضِ بابِلَ وأوصى بنيهِ الثلاثةَ وهم سام وحام ويافث أن يذهبوا بجسدِ ءادمَ إلى الغارِ الذي أمرهم أن يدفنُوه به

فقالوا: الأرضُ وحشيةٌ لا أنيسَ بها ولا نهتدي لطريقٍ، ولكن لننتظر حتى يَعْظُمَ الناسُ ويكثُروا،

فقال لهم نوحٌ: إنَ ءادمَ قد دعا اللهَ أن يطيلَ عُمُرَ الذي يدفنُهُ (أي إلى ءاخر الزمان)

فلم يزلْ جسدُ ءادمَ عليه السلامَ من جيلٍ إلى جيلٍ حتى كان الخضرُ عليه السلامُ هو الذي تولَّى دفنَهُ، فأنجَزَ اللهُ ما وعدَهُ فهو يحيا ما شاء الله له أن يحيا.

 

القول الثاني

وهناك قولٌ ءاخرُ في سببِ طولِ عمرهِ وهو أنَّ ذا القرنينِ وكان وليًّا من أولياء اللهِ الصالحينَ قد مَلَكَ ما بين المشرقِ والمغربِ، كان له صديقٌ من الملائكةِ يقال له (رَفَائِيلُ) عليه السلام يزورهُ بين الحينِ والآخرِ،

فبينما هما يتحادثان إذ قالَ ذو القرنينِ: حدِّثني كيف عبادتُكم لله تعالى فأخبره،

فبكى ذو القرنينِ وقال: يا رَفَائيلُ إني أُحبُّ أن أُعَمرَّ حتى أبلغَ في طاعةِ ربي حقَّ طاعتهِ، قال: وتحبُّ ذلك ؟ فقال: نعم،

فقال رَفَائيلُ عليه السلام: فإِنَّ لله عينًا من الماءِ تُسمَّى عينَ الحياةِ، مَن شَرِبَ منها شَربَةً طالَ عُمُرُهُ إلى ما شاءَ اللهُ ولا يمُوتُ حتى يُمِيتَهُ الله عز وجل،

فقال ذو القرنين: فهل تعلمُ موضِعَهَا ؟ قال: لا، غيرَ أننا نتحدثُ في السماءِ أن لله ظُلمةً في الأرضِ لم يطأها إنسٌ ولا جانٌّ، فنحنُ نظنُّ أنَّ تلكَ العينَ في تلكَ الظلمة. فقيل إن الخضر وصل إليها وشرب منها.

 

شرب الخضر من ماء الحياة

وهذه القصة وردت في كتاب العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني عن ذي القرنين، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الآمُلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سَامٍ،

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أنه سُئِلَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فقَالَ: “كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَالِحًا، وَكَانَ قَدْ مَلَكَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَكَانَ لَهُ خَلِيلٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ يُقَالُ لَهُ (رَفَائِيلُ)  وَكَانَ يَأْتِي ذَا الْقَرْنَيْنِ يَزُورُهُ،

فَبَيْنَا هُمَا ذَاتَ يَوْمٍ يَتَحَدَّثَانِ إِذْ قَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ: حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَتْ عِبَادَتُكُمْ فِي السَّمَاءِ ؟

فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، وَمَا عِبَادَتُكُمْ عِنْدَ عِبَادَتِنَا فِي السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ قِيَامٌ لا يَجْلِسُونَ أَبَدًا، وَمِنْهُمْ سَاجِدٌ لا يَرْفَعُ رَأْسَهُ أَبَدًا، وَرَاكِعٌ لا يَسْتَوِي قَائِمًا أَبَدًا، وَرَافِعٌ وَجْهَهُ لا يَطْرُقُ شَاخِصٌ أَبَدًا، يَقُولُ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ، رَبِّ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ.

فَبَكَى ذُو الْقَرْنَيْنِ بُكَاءً شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَفَائِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعِيشَ حَتَّى أَبْلُغَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّي حَقَّ طَاعَتِهِ، قَالَ: وَتُحِبُّ ذَلِكَ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ،

قَالَ رَفَائِيلُ: فَإِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَيْنًا تُسَمَّى عَيْنُ الْحَيَاةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ يَمُتْ أَبَدًا حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ رَبَّهُ الْمَوْتَ.

قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مَوْضِعَ تِلْكَ الْعَيْنِ ؟

قَالَ رَفَائِيلُ: لا، غَيْرَ أَنَّا نَتَحَدَّثُ فِيُ السَّمَاءِ أَنَّ لِلَّهِ ظُلْمَةٌ فِي الأَرْضِ لَمْ يَطَأْهَا إِنْسٌ وَلا جِنٌّ، وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ فِي تِلْكَ الظُّلْمَةِ.

قَالَ: فَجَمَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عُلَمَاءَ أَهْلِ الأَرْضِ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي، هَلْ وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَفِيمَا عِنْدَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ قَبْلَكُمْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ عَلَى الأَرْضِ عَيْنًا سَمَّاهَا عَيْنَ الْحَيَاةِ ؟

قَالُوا: لا. قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: فَهَلْ وَجَدْتُمْ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ فِي الأَرْضِ ظُلْمَةً لَمْ يَطَأْهَا إِنْسٌ وَلا جِنٌّ؟ قَالُوا: لا،

قَالَ عَالِمٌ مِنْهُمْ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، لِمَ تَسْأَلُ عَنْ هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَهُ رَفَائِيلُ ،

فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنِّي قَرَأْتُ وَصِيَّةَ ءادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ فِي الأَرْضِ ظُلْمَةً لَمْ يَطَأْهَا إِنْسٌ وَلا جَانٌّ.

قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: فَأَيْنَ وَجَدْتَهَا فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: وَجَدْتُهَا عَلَى قَرْنِ الشَّمْسِ،

فَبَعَثَ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَحَشَرَ النَّاسَ وَالْفُقَهَاءَ وَالأَشْرَافَ وَالْمُلُوكَ، ثُمَّ سَارَ يَطْلُبُ مَطْلِعَ الشَّمْسِ، فَسَارَ إِلَى أَنْ بَلَغَ طَرْفَ الظُّلْمَةِ فَإِذَا الظُّلْمَةُ لَيْسَتْ بِلَيْلٍ، وَهِيَ ظُلْمَةٌ تَفُورُ مِثْلَ الدُّخَانِ، فَعَسْكَرَ ثُمَّ جَمَعَ عُلَمَاءَ أَهْلِ عَسْكَرِهِ

فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْلُكَ هَذِهِ الظُّلْمَةَ.

فَقَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُلُوكِ لَمْ يَطْلُبُوا هَذِهِ الظُّلْمَةَ فَلا تَطْلُبْهَا، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَتَشَعَّبَ عَلَيْنَا مِنْهَا أَمْرٌ نَكْرَهُهُ، وَيَكُونُ فِيهِ فَسَادُ أَهْلِ الأَرْضِ،

فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: لا بُدَّ أَنْ أَسْلُكَهَا،

فَأَرْسَلَ فَجُمِعَ لَهُ سِتَّةُ ءالافِ فَرَسٍ وَعَقَدَ لِلْخَضِرِ ﷺ عَلَى مُقَدِّمَتَهُ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَبَقِيَ هُوَ فِي أَرْبَعَةِ ءالافِ رَجُلٍ،

فَقَالَ الْخَضِرُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّكَ تَسْلُكُ ظُلْمَةً لا تَدْرِي كَمْ مَسِيرَتُهَا وَلا يُبْصِرُ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالظُّلَلِ إِذَا أَصَابَتْنَا ؟

فَدَفَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَى الْخَضِرِ خَرْزَةً حَمْرَاءَ، فَقَالَ: إِذَا أَصَابَكُمُ الظُّلَلُ فَاطْرَحْ هَذِهِ الْخَرْزَةَ إِلَى الأَرْضِ، فَإِذَا صَاحَتْ، فَلْيَرْجِعْ أَهْلُ الظِّلالِ،

فَسَارَ الْخَضِرُ بَيْنَ يَدَيْ ذِي الْقَرْنَيْنِ يَرْتَحِلُ الْخَضِرُ، وَيَنْزِلُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَقَدْ عَرَفَ الْخَضِرُ مَا يَطْلُبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ يَكْتُمُ ذَلِكَ، فَبَيْنَا الْخَضِرُ يَسِيرُ إِذْ عَارَضَهُ وَادٍ، فَظَنَّ أَنَّ الْعَيْنَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي، فَلَمَّا أَتَى شَفِيرَ الْوَادِي،

قَالَ لأَصْحَابِهِ: قِفُوا، وَلا يَبْرَحَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ مِنْ مَوْقِفِهِ، وَرَمَى الْخَضِرُ بِالْخَرْزَةِ فَإِذَا هِيَ عَلَى حَافَةِ الْعَيْنِ،

فَنَزَعَ الْخَضِرُ ثِيَابَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْعَيْنَ، فَإِذَا مَاءٌ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ رَمَى بِالْخَرْزَةِ نَحْوَ أَصْحَابِهِ فَوَقَعَتِ الْخَرْزَةُ،

فَصَاحَتْ فَرَجَعَ الْخَضِرُ إِلَى صَوْتِ الْخَرْزَةِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ فَرَكِبَ وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: سِيرُوا بِسْمِ اللَّهِ.

قَالَ: وَمَرَّ ذُو الْقَرْنَيْنِ فَأَخْطَأَ الْوَادِيَ، فَسَلَكُوا تِلْكَ الظُّلْمَةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى ضَوْءٍ لَيْسَ بِضَوْءِ شَمْسٍ وَلا قَمَرٍ، أَرْضٍ خَضْرَاءَ وَإِذَا فِي تِلْكَ الأَرْضِ قَصْرٌ مَبْنِيٌّ طُولُهُ فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ، لَيْسَ عَلَيْهِ أَبْوَابٌ،

فَنَزَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بِعَسْكَرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَحْدَهُ حَتَّى نَزَلَ ذَلِكَ الْقَصْرَ، فَإِذَا طَائِرٌ أَسْوَدُ. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الطَّائِرُ خَشْخَشَةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ، قَالَ: مَنْ هَذَا ؟

قَالَ: أَنَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، قَالَ الطَّائِرُ: مَا كَفَاكَ مَا وَرَاءَكَ حَتَّى وَصَلْتَ إِلَيَّ ؟ ثُمَّ قَالَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ حَدِّثْنِي، قَالَ: سَلْ مَا شِئْتَ، ثُمَّ قَالَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ أَخْبِرْنِي،

قَالَ: سَلْ، قَالَ: كَثُرَ شَهَادَاتُ الزُّورِ فِي الأَرْضِ ؟ قَالَ: نَعَمْ ، فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ، قَالَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ حَدِّثْنِي، هَلْ كَثُرَ الْمَعَازِفُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: نَعَمْ ، فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ

وقال: هَلْ تَرَكَ النَّاسُ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ بَعْدُ ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ ثَلاثًا،

ثُمَّ قَالَ : حَدِّثْنِي يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ ، قَالَ : سَلْ ، قَالَ: هَلْ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلاةَ الْمَكْتُوبَةَ بَعْدُ، قَالَ: لا، فَانْتَفَضَ ثَلاثًا،

ثُمَّ قَالَ: حَدِّثْنِي يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، قَالَ: سَلْ، قَالَ: هَلْ تَرَكَ النَّاسُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَعْدُ ؟ قَالَ: لا،

ثُمَّ قَالَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، اسْلُكْ هَذِهِ الدَّرَجَةَ الَّتِي فِي أَعْلَى الْقَصْرِ،

قَالَ: فَسَلَكَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ خَائِفٌ حَتَّى إِذَا اسْتَوَى عَلَى صَدْرِ الدَّرَجَةِ، إِذَا سَطْحٌ مَمْدُودٌ فِي وَادٍ عَلَيْهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، أَوْ مُتَشَبِّهٌ بِالرَّجُلِ، شَابٌّ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ رَافِعٌ وَجْهَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى فِيهِ،

فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّ ذِي الْقَرْنَيْنِ قَالَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: أَنَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، فَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: أَنَا صَاحِبُ الصُّورِ،

قَالَ: فَمَا بَالِي أَرَاكَ وَاضِعَ يَدِكَ عَلَى فِيكَ، رَافِعَ وَجْهِكَ إِلَى السَّمَاءِ ؟

قَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَأَنَا انْتَظِرُ مِنْ رَبِّي أَنْ يَأْمُرَنِي أَنْ أَنْفُخَ، ثُمَّ أَخَذَ صَاحِبُ الصُّورِ شَيْئًا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ كَأَنَّهُ حَجَرٌ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، فَإِنْ شَبِعَ هَذَا الْحَجَرُ شَبِعْتَ، وَإِنْ جَاعَ جُعْتَ، فَأَخَذَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الْحَجَرَ،

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِالطَّيْرِ وَمَا قَالَ لَهُ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ أَهْلَ عَسْكَرِهِ، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ هَذَا الْحَجَرِ، مَا أَمْرُهُ ؟

فَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ، فَوَضَعُوا الْحَجَرَ فِي إِحْدَى الْكِفَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذُوا حَجَرًا مِثْلَهُ، فَوَضَعُوهُ فِي الْكِفَّةِ الأُخْرَى، فَإِذَا الْحَجَرُ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِثْلُ جَمِيعِ مَا وُضِعَ مَعَهُ حَتَّى وَضَعُوا مَعَهُ أَلْفَ حَجَرٍ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، انْقَطَعَ عِلْمُنَا دُونَ ذَلِكَ، أَسِحْرٌ هَذَا أَمْ عِلْمٌ ؟ مَا نَدْرِي هَذَا، قَالَ: وَالْخَضِرُ يَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، وَهُوَ سَاكِتٌ،

فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلْخَضِرِ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ هَذَا عِلْمٌ ؟

قَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ الْمِيزَانَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ، فَوَضَعَهُ فِي إِحْدَى الْكِفَّتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا مِنْ تِلْكَ الأَحْجَارِ مِثْلَهُ، فَوَضَعَهُ فِي الْكِفَّةِ الأُخْرَى، ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَوَضَعَهُ مَعَ الْحَجَرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ الْمِيزَانَ فَاسْتَوَى،

قَالَ: فَخَرَّ الْعُلَمَاءُ سُجَّدًا، وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ مَا نَبْلُغُهُ.

قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلْخَضِرِ: فَأَخْبِرْنِي مَا هَذَا ؟

قَالَ الْخَضِرُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ سُلْطَانَ اللَّهِ قَاهِرٌ لِخَلْقِهِ، وَأَمْرُهُ نَافِذٌ فِيهِمْ،

ثم قَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّبَ لَكَ الْبِلادَ، وَأَعْطَاكَ مِنْهَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا، وَأَوْطَأَكَ مِنْهَا مَا لَمْ يُوطِئْ أَحَدًا، فَلَمْ تَشْبَعْ، فَأَبَتْ نَفْسُكَ إِلا شَرَّهَا،

حَتَّى بَلَغْتَ مِنْ سُلْطَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ، وَمَا لَمْ يَطْلُبْهُ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ، فَإِنَّ ابْنَ ءادَمَ لا يَشْبَعُ أَبَدًا دُونَ أَنْ يُحْثَى عَلَيْهِ التُّرَابُ،

قَالَ: فَهَوْنًا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتَ يَا خَضِرُ فِي ضَرْبِ هَذَا الْمَثَلِ، لا جَرَمَ لا أَطْلُبُ أَثَرًا فِي الْبِلادِ، وَبَعْدَ مَسِيرِي هَذَا حَتَّى أَمُوتَ،

ثُمَّ ارْتَحَلَ ذُو الْقَرْنَيْنِ رَاجِعًا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطِ الظُّلُمَاتِ وَطِئَ الْوَادِيَ الَّذِي كَانَ فِيهِ زَبَرْجَدٌ فَقَالَ الَّذِينَ مَعَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، مَا هَذَا الَّذِي تَحْتَكَ، وَسَمِعُوا خَشْخَشَةً تَحْتَهُمْ،

قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: خُذُوا فَإِنَّهُ مِنْ أَخَذَ نَدِمَ، وَمَنْ تَرَكَ نَدِمَ، فَأَخَذَ مِنْهُ الرَّجُلُ الشَّىءَ بَعْدَ الشَّىءِ، وَتَرَكَ عَامَّتُهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا شَيْئًا، فَلَمَّا خَرَجُوا فَإِذَا هُوَ زَبَرْجَدٌ، فَنَدِمَ الآخِذُ وَالتَّارِكُ.

 

  وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:59 AM
    شروق الشمس4:41 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:25 PM
    العشاء7:55 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي