زيد المصري - Zaid Al-Masri

حب أهل الصلاح

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَحْكَمَ بِحِكْمَتِهِ مَا فَطَرَ وَبَنَى، وَأَمَرَنَا بطاعتِه لا لِحاجَةٍ بَلْ لَنَا، يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِمَنْ أَسَا وَجَنَا، وَيُجْزِلُ الْعَطَايَا لِمَنْ كَانَ مُحْسِنًا، بَيَّنَ لِقَاصِدِيهِ سَبِيلا وَسُنَنًا، وَوَهَبَ لِعَابِدِيهِ جَزِيلا يُقْتَنَى، وَأَثَابَ حَامِدِيهِ أَلَذَّ مَا يُجْتَنَى ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ أَحْمَدُهُ مُسِرًّا لِلْحَمْدِ وَمُعْلِنًا، وَأُصَلِّي وأسلم عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الذي أسس قواعد الدين وبنى، وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الْمُتَخَلِّلِ بِالْعَبَا رَاضِيًا بِالْعَنَا، وَهُوَ الَّذِي أُريدَ بِقَوْلِهِ الله ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ وَعَلَى عُمَرَ الْمُجِدِّ فِي عِمَارَةِ الإِسْلامِ فَمَا وَنَى، وَعَلَى عُثْمَانَ الصابر فنال الجنة ثمنا، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي إِذَا مدحناه فَالْفَخْرُ لَنَا.

عن أبي مسلم الخولانيِّ رضي الله عنه وكان من الأولياء الأكابر من أهل الكرامات قال: أتيتُ مسجد أهلِ دمشقَ فإذا حلقةٌ فيها كُهولٌ من أصحاب النبي ﷺ، وإذا شابٌّ فيهم أكحلُ العينِ برَّاقُ الثنايا كُلَّما اختلفوا في شىءٍ ردُّوه إلى الفتى! قال: قلتُ لجليسٍ لي من هذا؟ فقال: هذا معاذُ بنُ جبلٍ،

قال: فجئتُ من العَشِىِّ فلم يحضروا، قال: فغدوتُ من الغدِ فلم يجيئُوا، فَرُحتُ فإذا أنا بالشَّابِّ يُصلى إلى ساريةٍ فركعتُ (أي صليتُ) ثم تحولتُ إليهِ، فسلَّمَ فدنوتُ منهُ فقلت: إنِّى لأُحبُّكَ في اللهِ،

قال: فمدَّنِى إليهِ وقال: كيفَ قلتَ؟ قُلتُ: إنِّى لأُحبُّكَ في اللهِ. قال: سمعتُ رسول اللهِ ﷺ يقولُ: “الـمُتَحَابُّونَ فِى اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِى ظِلِّ العَرشِ يَومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ” رواه أحمد.

وفي هذا الحديث الشريف فضيلة عظيمة لسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه بسبب ما ءاتاه الله تعالى من العلم الديني النفيس، وذلك أنه كان شابًا وكان كهول الصحابة إذا اختلفوا رجعوا إليه رضي الله عنه، وما ذاك إلا لفضيلة العلم والفقه.وفي سورة المجادلة: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾

وفي هذا الحديث فائدة أخرى وهي أنه من أراد أن يحب إنسانًا فليحبّ من ينفعه في دينه، ومن هو موصوف بالعلم والتقوى، لأن الحبّ أنواع،

ومنه حب الرجل لزوجته، وحتى في هذا الرسول أرشد إلى طلب ذات الدين، وهو الوصف الأعلى والأغلى، لأن ذات الدين تحفظ زوجها في حضرته وفي غيبته، وإلا فالجميلة بلا ديانة ولا صيانة يخشى منها من الخيانة.

وحديث معاذ هذا معناه أن يحبّ الشخص أخاه المسلم لإيمانه وتقواه، لا لمجرد الهوى، فكم من أهل البدعة يحبّ أحدهم الآخر ويتظاهرون على بدعتهم، وهذا ليس بنافعهم يوم الدين، ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ﴾

فالواحد منا أحيانًا يحبّ الآخر لحسن خلقه وأحيانًا يحبه لأنه مرح لطيف دمث الأخلاق، وحُسنُ الخُلق شىء يمدحه الشرع. وأحيانًا يحبه لأنه يستأنس به لأنه يخفف عنه بعض مصائبه أو أحزانه أو يعينه في أمر المال أو العمل،

وأحيانًا يحبه لأنه يساعده أو يغيثه في معيشته أو يقف إلى جانبه في المصائب أو نحو ذلك، أو يستأنس بوجهه، يكون وجهه مشرقًا جميلا أو حلو الثغر والابتسامة. وأحيانًا إن لم تكن به إحدى هذه الصفات التي يتمناها في أمر الدنيا نراه بعيدًا عن أخيه المسلم الطيب الصالح،

فترى المسلم الطيب الفقير منكسر الخاطر ينفض عنه الناس لفقره، أو بسبب ضعف حاله الاجتماعية، الناس لا يُقبلون عليه، أو لأنه قليل الكلام فلا يتعلمون منه هذه الفضيلة، بل ينفرون منه ويصاحبون من يُضحكهم أو يسايرهم في الغيبة والنميمة.

والأخ في الله متى كان صادقًا ورأى من أخيه شيئًا لا خير فيه ينصحه برفق ولين بينَه وبينه، ولا يفضحه، وإنما يستر عليه ويحب له الخير كما يحبه لنفسه، ويحبه من غير غاية دنيوية، وهذا هو الحب لله وفي الله.

وقد قال بعضهم:

الِملْحُ للسكرِ لن يَنقَلِبا

إذا اسمُ سُكَّرٍ عليهِ كُتِبا

 

والفضيحةُ فضيحة ولو قال من فضح هي نصيحة. فمن كانت علاقته بأخيه على هذا النحو يصل إلى تلك البُشرى التي أخبر عنها الرسول ﷺ “الـمُتَحَابُّونَ فِى اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فِى ظِلِّ العَرشِ يَومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ”

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “يَا عَبْدَ اللهِ، أَيُّ عُرَى الإِسْلاَمِ أَوْثَقُ؟ قال: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ. قالَ: “الْوَلاَيَةُ فِى اللهِ الحُبُّ فِى اللهِ وَالبُغْضُ فِى اللهِ” قال البيهقي: ورُوِىَ ذلك من حديث البراء وابن عباس وعائشةَ رضي الله عنهم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

مواقيت صلوات اليوم

    عمان, الأردن
    الصلاةالوقت
    الفجر2:52 AM
    شروق الشمس4:36 AM
    الظهر11:33 AM
    العصر3:13 PM
    المغرب6:30 PM
    العشاء8:02 PM

إن المعرفة الحقيقية لدخول أوقات الصلاة تقوم على المراقبة، أما ما نذكره هنا فمن باب الاستئناس

إن أوقات الصلاة الظاهرة هي فقط لمدينة عمان، الأردن

قنوات التواصل الاجتماعي